الباب الخامس في الكلام على توبة المسلم و استتابته
[إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ فالاختلاف فيها على الاختلاف في توبة المرتدّ، إذ لا فرق.
و قد اختلف السّلف في وجوبها و صورتها و مدّتها، فذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ المرتدّ يستتاب.
و حكى ابن القصّار أنه إجماع من الصحابة على تصويب قول عمر في الاستتابة، و لم ينكره واحد منهم، و هو قول عثمان، و عليّ، و ابن مسعود، و به قال عطاء بن أبي رباح، و النّخعي، و الثّوري، و مالك، و أصحابه، و الأوزاعيّ، و الشافعيّ، و أحمد، و إسحاق، و أصحاب الرأي.
و ذهب طاوس، و محمد بن الحسن، و عبيد بن عمير، و الحسن في إحدى الروايتين عنه- أنه لا يستتاب، و قاله عبد العزيز بن أبي سلمة، و ذكره عن معاذ، و أنكره سحنون عن معاذ، و حكاه الطحاوي عن أبي يوسف، و هو قول أهل الظاهر، قالوا: و تنفعه توبته عند اللّه، و لكن لا تدرأ القتل عنه،
لقوله (صلّى اللّه عليه و سلّم)، [من بدّل دينه] فاقتلوه.
و حكي أيضا عن عطاء: إن كان ممّن ولد في الإسلام لم يستتب، و يستتاب الإسلاميّ.
و جمهور العلماء على أنّ المرتدّ و المرتدّة في ذلك سواء.
و روي عن عليّ رضي اللّه عنه: لا تقتل المرتدّة، و تسترقّ،
و قاله عطاءة و قتادة.
و روي عن ابن عبّاس: لا تقتل النساء في الردة، و به قال أبو حنيفة.
قال مالك: و الحرّ و العبد و الذّكر و الأنثى في ذلك سواء].