عبادة مضطجع يوعك فازدهم الناس على أبي بكر، فقال رجل من الأنصار: اتقوا سعدا لا تطأوه فتقتلوه فقال: عمر: و هو مغضب قتل اللّه سعدا، فإنّه صاحب فتنة، فلما فرغ أبو بكر من البيعة رجع إلى المسجد، فقعد على المنبر، فبايعه الناس حتى أمسى، و شغلوا عن دفن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-.
و قال ابن أبي عزة القرشي في ذلك:
نشكو لمن هو بالثّناء خليق* * * ذهب اللّجاج و بويع الصّدّيق
من بعد ما وخضت بسعد بغلة* * * و رحا رحاه دونه العيّوق
جاءت به الأنصار عاصب رأسه* * * فأتاهم الصّدّيق و الفاروق
و أبو عبيدة و الّذين إليهم* * * نفس المؤمّل للبقاء تشوق
كنّا نقول لها عليّ ذو الرّضى* * * و أولاهم عمر بتلك عتيق
و ذكر وثيمة بن موسى أنه كان لأشراف قريش فيما كان من الأنصار مقامات محمودة، فمن ذلك أن خالد بن الوليد قام على أثر أبي بكر بعد وفاة رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و كان خطيب قريش، فقال: أيّها النّاس إنّا رمينا في بدء هذا الدين بأمر ثقل علينا محمله و صعب علينا مرتقاه و كنا كأنّا منه على أوفاز، و اللّه ما لبثنا أن خفّ علينا ثقله و ذلّلنا صعبه، و عجبنا من شكّ فيه بعد عجبنا من آمن به، حتى و اللّه أمرنا بما كنا ننهي عنه، و نهينا عما كنا نأمر به، و لا و اللّه ما سبقنا إليه بالعقول و لكنه التوفيق، ألا و إن الوحي لم ينقطع حتى أكمل، و لم يذهب النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- حتى أعذر، فلسنا ننتظر بعد النبيّ نبيّا و لا بعد الوحي وحيا، و نحن اليوم أكثر منّا بالأمس، و نحن بالأمس خير منّا اليوم، من دخل في هذا الدين كان من ثوابه على حسب عمله، و من تركه ودّدنا إليه، إنّه و اللّه ما صاحب هذا الأمر، يعني أبا بكر بالمسئول عنه، و لا المختلف فيه، و لا بالمخفي الشخصي، و لا المغمور القناة ثم سكت فعجب النّاس من كلامه، و قام حزن بن أبي وهب، و هو الذي سمّاه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- سهلا:
و قامت رجال من قريش كثيرة* * * فلم يك في القوم القيام كخالد
ترقّى فلم يزلق به صدر بغله* * * و كفّ فلم يعرض لتلك الأوابد
فجاء بها غدو كالبدر و سهلة* * * فشبّهتها في الحسن أمّ القلائد
أ خالد، لا تعدم لؤيّ بن غالب* * * قيامك فيها عند قذف الجلامد
كساك الوليد بن المغيرة مجده* * * و علّمك الشّيخان ضرب القماحد