الباب الثالث و الثلاثون في ذكر خبر السقيفة و بيعة أبي بكر- رضي اللّه تعالى عنه- بالخلافة بعد موت سيدنا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-
قال ابن إسحاق: و لما قبض رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- انحاز هذا الحيّ من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، و اعتزل عليّ بن أبي طالب، و الزّبير بن العوّام، و طلحة بن عبيد اللّه في بيت فاطمة، و انحاز بقية المهاجرين إلى أبي بكر، و انحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل، فأتى آت إلى أبي بكر و عمر فقال: إنّ هذا الحيّ من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة و قد انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم و رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله.
قال عمر: فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء حتى ننظر ما هم عليه [1].
و روى ابن إسحاق و الإمام أحمد و البخاري و ابن جرير عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب- رضي اللّه تعالى عنه- قال و هو على المنبر: إنّه قد بلغني أن فلانا، و في رواية البلاذري عن ابن عباس أن قائل ذلك الزّبير بن العوّام، قال: و اللّه لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا.
و في رواية البلاذري عن ابن عباس: «بايعت عليا» لا يغرنّ امرءا أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت.
[و اللّه ما كانت بيعة أبي بكر فلتة، و لقد أقامه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- مقامه و اختاره لدينهم على غيره و قال: «يأبى اللّه و المؤمنون إلا أبا بكر» فهل منكم أحد تقطع إليه الأعناق كما تقطع إلى أبي بكر؟ فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له، و إنه كان من خيرنا حين توفي رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و إن الأنصار خالفونا و اجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة، و تخلّف عنّا علي بن أبي طالب و الزبير بن العوام و من معهما، و اجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، فانطلقنا نؤمّهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان
عويم بن ساعد و هو الذي قال فيه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- لما سئل من الذين قال اللّه لهم [فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَفقال النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «نعم المرء
[1] أخرجه البيهقي في الدلائل 7/ 229 و ابن كثير في البداية 5/ 252 و انظر ترجمة حماد في الميزان 1/ 598 البخاري في التاريخ 3/ 28 و الضعفاء للعقيلي 1/ 308، المجروحين لابن حبان 1/ 252.