و على القولين يتنزل ما نقله الرّافعيّ أنه عاش بعد حجته ثمانين يوما.
و قيل: إحدى و ثمانين، و أما على ما جزم به النووي فيكون عاش بعد حجّته تسعين يوما، أو إحدى و تسعين يوما.
الثاني: استشكل السّهيليّ و تابعه غير واحد ما عليه الأكثر من كونه مات يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول، و ذلك أنهم اتفقوا على أن وقفة عرفة في حجة الوداع كانت يوم الجمعة، و هو التاسع من ذي الحجة، فدخل ذي الحجة يوم الخميس، فكان المحرم إما الجمعة و إما السبت، فإن كان الجمعة فقد كان صفر إما السبت و إما الأحد، و إن كان السبت فقد كان ربيع الأول الأحد أو الاثنين، و كيفما دارت الحال على هذا الحساب فلم يكن الثاني عشر من ربيع الأول بوجه.
و قول أبي مخنف و الكلبي و إن كان خلاف [أهل] الجمهور، فإنّه لا يبعد أن كانت الثلاثة الأشهر التي قبله كلّها تسعة و عشرين فتدبره، فإنه صحيح.
و قول ابن عقبة و الخوارزمي أقرب في القياس من قول أبي مخنف و من تابعه.
قال ابن كثير: و قد حاول جماعة الجواب عنه، و لا يمكن الجواب عنه إلا بمسلك واحد، و هو اختلاف المطالع، بأن يكون أهل مكة رأوا هلال ذي الحجة ليلة الخميس، و أما أهل المدينة فلم يروه إلا ليلة الجمعة.
و يؤيد هذا قول عائشة و غيرها، خرج رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- لخمس بقين من ذي القعدة، يعني: من المدينة إلى حجة الوداع [و يتعين بما ذكرناه أنه خرج يوم السبت، و ليس كما زعم ابن حزم أنه خرج يوم الخميس، لأنه قد بقي أكثر من خمس بلا شك، و لا جائز أن يكون خرج يوم الجمعة لأن أنسا قال: صلّى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- الظهر بالمدينة أربعا و العصر بذي الحليفة ركعتين فتعين أنه خرج يوم السبت لخمس بقين].
فعلى هذا إنما رأى أهل المدينة هلال ذي الحجة ليلة الجمعة، و إذا كان هلال ذي الحجة عند أهل المدينة الجمعة، و حسبت الشّهور بعده كوامل يكون أوّل ربيع الأوّل يوم الخميس، فيكون ثاني عشر يوم الاثنين، و اللّه تعالى أعلم.
الثالث: في بيان غريب ما سبق:
لم يفجأهم: ...
«السّتر: ... نكص»: ...
قمن: بقاف فميم مفتوحتين أي: خليق و حقيق و جدير لا يثنى و لا يجمع و لا يؤنث، فإن كسرت الميم أو قلت: قمين ثنّيت و جمعت، و هذا مقمنة أي: مخلقة و مجدرة و تقمّنت موافقتك: توخيتها.