و روى ابن سعد عن ابن عباس- رضي اللّه تعالى عنهما- قال: كشف رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- السّتارة و الناس صفوف خلف أبي بكر فقال: «إنه لم يبق من مبشّرات النّبوّة إلّا الرّؤيا الصّالحة يراها المسلم، أو ترى له أ لا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا و ساجدا، فأمّا الرّكوع فعظموا فيه الرّب، و أما السّجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم».
و روى الطبراني عن عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: كشف رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- سترا، و فتح بابا في مرضه، فنظر إلى الناس يصلون خلف أبي بكر، فسرّ رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بذلك.
و روى ابن سعد عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه- قال: إن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين و هم صفوف في الصلاة كشف رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- ستر الحجرة ينظر إلينا و هو قائم كأنّ وجهه ورقة بمصحف، ثم تبسم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- ضاحكا، فبهشنا و نحن في الصلاة من الفرح بخروج رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-، و في رواية: «و همّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم برسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- حين رأوه و نكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصّفّ و ظنّ أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- خارج إلى الصلاة فأشار إليهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- أن أتموا صلاتكم ثم دخل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و أرخى الستر، قال: فتوفي رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- من يومه».
و روي أيضا عنه قال آخر نظرة نظرتها إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- يوم الاثنين كشف الستارة و الناس صفوف خلف أبي بكر فلما رآه الناس تخشخشوا فأومأ إليهم أن امكثوا مكانكم فنظرت إلى وجهه كأنّه ورقة مصحف ثم ألقى السّجف و توفّي من آخر ذلك اليوم.
في بيان غريب ما سبق:
«استعزّ» بضم المثناة و الفوقية و كسر العين المهملة و زاء معجمة يقال: أستعز بفلان أي غلب عن كل شيء من مرض أو غيره.
و قال أبو عمر: استعزّ بالعليل إذا غلب على عقله.
المخضب بالكسر شبه المركن و هي إجّانة تغسل فيها الثياب].
السّنح هنا بضم السين و النون.
و قيل: بسكونها، أطم الجشم و زيد بن الحارث على ميل من المسجد النبوي، و هو أدنى العالية سميت الناحية، و وهم من جعله بحري مسجد الفتح، لأن ذلك بالمثناة التحتية و كسر السين قاله السيد نور الدين السمهودي في «تاريخ المدينة».