و روى الإمام أحمد و ابن السني و الطبراني في الصغير، و أبو نعيم عن أبي هريرة- رضي اللّه تعالى عنه- أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قال: «إذا طلع النّجم ارتفعت العاهة [عن كلّ بلد]
الأول: قال الخطابي: ليس في هذا إثبات العدوى، و إنما هو من باب التداوي فإن استصلاح الأهوية من أنفع الأشياء على تصحيح الأبدان و فساد الهواء من أضرها و أسرعها إلى أسقام الأبدان عند الأطبّاء.
الثاني: قال ابن القيم في الهدي: قد جمع النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- للأمة في نهيه عن الدخول إلى الأرض التي بها الطاعون، و عن الخروج منها بعد وقوعه بها كمال التحرز، فإن في الدخول إلى الأرض التي هو بها تعرضا للبلاء، و موافاة له في محل سلطانه، و إعانة الإنسان على نفسه، و هذا مخالف للشّرع و العقل، بل تجنب الدخول إلى أرضه من باب الحمية التي أرشد الشّرع إليها، و هي حمية عن الأمكنة و الأهوية المؤذية و أما نهيه- (عليه الصلاة و السلام)- عن الخروج من بلده ففيه معنيان:
أحدهما: حمل النفس على الثقة باللّه تعالى، و التوكل عليه و الصبر على المصيبة و الرضى بها.
و الثاني: ما قاله أئمة الطب: أنه يجب عند وقوع الطاعون السكون و الدعة و تسكين هيجان الأخلاط، و لا يمكن الخروج عن أرض الوباء و السفر منها إلا بحركة شديدة، و هي مضرة جدا قال في المنهج السوي: هذا كلام أفضل الأطباء المتأخرين، و ظهر المعنى الطبي من الحديث النبوي و ما فيه من علاج القلب و البدن و صلاحهما، و في المنع من الدخول إلى الأرض التي وقع بها عدّة حكم منها:
تجنب الأسباب المؤذية و البعد منها.
و منها أن لا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن و فسد فيمرضون.