رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قيل: كانت أوّلا عند الأسلم ثم خلف عليها أبو رهم، أسلم أبو سلمة، و هاجر الهجرتين كما تقدّم بيان ذلك مبسوطا، و شهد بدرا، و جرح يوم أحد جرحا اندمل ثم نقص عليه فمات منه، و تزوّج النّبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) بعده أمّ سلمة، و صفيّة والدة الزّبير بن العوّام، شقيقة حمزة، أسلمت، و هاجرت مع ولدها الزّبير، و روت عن النّبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) و شهدت الخندق مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و قتلت رجلا من اليهود، و ضرب لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بسهم، و كانت في الجاهليّة تحت الحارث بن حرب بن أميّة بن عبد شمس ثم هلك عنها فخلف عليها العوّام بن خويلد أخو أمّ المؤمنين خديجة- رضي اللّه تعالى عنها- فولدت له الزّبير و السّائب و عبد الكعبة، أسلم الزّبير و السّائب- رضي اللّه تعالى عنهما- و قتل الزّبير يوم اليمامة شهيدا، و توفّيت في خلافة عمر- رضي اللّه تعالى عنها- سنة عشرين و لها ثلاث و سبعون سنة، و دفنت بالبقيع- رضي اللّه تعالى عنها- و جمانة و أروى، حكى أبو عمر عن ابن إسحاق أنّه لم يسلم من عمات النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) إلا صفيّة، و تعقّب بقصّة أروى و ذكرها العقيليّ في الصّحابة و أسند عن محمد بن عمر قصّة إسلامها، و قال ابن سعد: أسلمت أروى و هاجرت. قال في زاد المعاد:
و صحّح بعضهم إسلام أروى، و ذكر ابن سعد أن أروى هذه رثت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) من أبيات:
ألا يا رسول اللّه، كنت رجاءنا* * * و كنت بنا برّا و لم تك جافيا
أبا حسن فارقته و تركته* * * فبكّ بحزن آخر الدّهر شاحبا
فدىّ لرسول اللّه أمي و خالتي* * * و عمّي و نفسي قصرة ثمّ خاليا
صبرت و بلّغت الرّسالة صادقا* * * و قمت صليب الدّين أبلج صافيا
فلو أنّ ربّ الناس أبقاك بيننا* * * سعدنا، و لكن أمرنا كان ماضيا
عليك من اللّه السّلام تحيّة* * * و ادخلت جنّات من العدن راضيا
و كنت بنا رؤوفا رحيما نبيّنا* * * ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكي النّبي لموته!* * * و لكن لهرج كان بعدك آتيا
و كان على قلبي لذكر محمّد* * * و ما خفت من بعد النّبي المكاويا
فسألته في منام رأته قبل وقعة بدر، رواه الطبراني بإسناد حسن عن مصعب بن عبد اللّه و غيره من قريش، و تقدّم ذلك في غزوة بدر، كانت تحت عمير بن قصي بن وهب بن عبد قصيّ فولدت طليبا، خلف عليها كلدة بن عبد مناف بن عبد الدّار بن قصيّ، و أسلم طليب، و كان- رضي اللّه تعالى عنه- سببا في إسلام أمّه.