اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- لعليّ: من أشقى الناس من الأوّلين؟ قال: عاقر النّاقة، قال: فمن أشقى الآخرين؟
قال: اللّه و رسوله أعلم، قال: قاتلك».
و روى أبو داود في كتاب القدر أنه لمّا كان أيّام الخوارج كان أصحاب عليّ بن أبي طالب- رضي اللّه تعالى عنه- يحرسه كلّ ليلة عشرة يبيتون في المسجد بالسّلاح فرآهم، فقال: ما يجلسكم [1]؟ قالوا: نحرسك، فقال: من أهل السّماء؟ ثم قال: إنّه لا يكون في الأرض شيء حتى يقضى في السّموات، و إن عليّ من اللّه جنّة حصينة،
و في رواية: و إن الأجل جنّة حصينة، و إنّه ليس من الناس أحد إلا و قد و كلّ به ملك، فلا تريده دابّة و لا شيء إلا قال: اتّقه اتّقه، فإذا جاء القدر خلّيا عنه، و إنّه لا يجد عبد حلاوة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، و ما أخطأه لم يكن ليصيبه.
و كان يدخل المسجد كلّ ليلة فيصلّي فيه، فلمّا كانت اللّيلة التي قتل في صبحتها قلق تلك الليلة، و جمع أهله.
و في رواية: قال الحسن: دخلت على أبي ليلة قتل صباحها فوجدتّه يصلّي، فلمّا انصرف، قال: يا بنيّ، إنّي بتّ البارحة أوقظ أهلها لأنّها ليلة الجمعة، صبيحة قدر لسبع عشرة من رمضان فملكتني عيناي، فرأيت رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فقلت: يا رسول اللّه، ما ذا لقيت من أمّتك من اللأواء و اللدد؟! فقال لي رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم): «ادع عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم، و أبدلهم من هو شرّ منيّ، قال الحسن: فبينما هو يحدّثني إذا جاء مؤذّنه ابن التياح فأذّنه بالصّلاة، فلما خرج المؤذّن بين يديه، و نادى بالصّلاة اعترضه ابن ملجم
و في رواية: فلما خرج إلى المسجد ضربه ابن ملجم قبّحه- اللّه تعالى- على دماغه فانتبه و كان سيفه مسموما و ضربه شبيب فلم يصبه لأنّ ضربته جاءت في الطّاق و نادى عليّ: لا يفوتنّكم الرجل، فشد الناس عليهما في كل ناحية فهرب شبيب، و قبض ابن ملجم، فقال عليّ- رضي اللّه تعالى عنه-:
أطعموه و اسقوه، فإن عشت فأنا وليّ دمي فإن شئت أن أعفو أو أقتصّ، قال تعالى: وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ[المائدة 45]. و إن متّ فاقتلوه كما قتلني و لا تعتدوا، إنّ اللّه لا يحبّ المعتدين،
قال أهل السّير: انتدب ثلاثة من الخوارج عبد اللّه بن ملجم المرادي، و هو من حمير، و عداد من بني مراد، و هو حليف ابن جبلة من كندة، المبارك بن عبد الله التّميميّ، و عمرو بن بكير التّميمي، فاجتمعوا بمكّة و تعاقدوا ليقتلنّ عليّ بن أبي طالب، و معاوية و عمرو بن العاص، فقال: ابن ملجم: أنا لعليّ، و قال ابن المبارك: أنا لمعاوية، و قال الآخر: أنا لعمرو، و تعاهدوا أن