الباب الثالث في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) وابصة بن معبد [1] رضي اللّه عنه بأنه جاء يسأل عن البر و الإثم
روى الإمام أحمد و الطبراني برجال ثقات عن وابصة بن معبد رضي اللّه عنه قال: جئت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و أنا لا أريد أن أدع من البرّ و الإثم شيئا إلا سألته عنه، فأتيته، و هو في عصابة من المسلمين حوله، فجعلت أتخطّاهم لأدنو منه، فانتهرني بعضهم، فقال: إليك يا وابصة عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)؟ فقلت: إني أحبّ أن أدنو منه، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «دعوا وابصة، ادن مني وابصة»، فأدناني حتى كنت بين يديه، فقال: «أ تسألني أم أخبرك؟» فقلت: لا، بل تخبرني، قال:
«جئت تسأل عن البر و الإثم؟» قلت: نعم، فجمع أنامله فجعل ينكت بهنّ في صدري و قال:
«البرّ ما اطمأنت إليه النّفس و اطمأنّ إليه القلب، و الإثم ما حاك في نفسك، و تردّد في الصدر و إن أفتاك الناس و أفتوك».
الباب الرابع في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) الثقفي و الأنصاري بما جاءا يسألان عنه
روى مسدّد و البزّار و الأصبهاني من طريق إسماعيل بن رافع و البيهقي عن أنس رضي اللّه عنه قال: كنت جالسا مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) في مسجد الخيف فأتاه رجل من الأنصار، و رجل من ثقيف فلما سلما، قالا: جئناك، يا رسول اللّه، لنسألك، قال: «إن شئتما أخبرتكما بما تسألاني عنه فعلت، و إن شئتما أن أسكت و تسألاني فعلت»، قالا: لا، أخبرنا يا رسول اللّه، نزدد إيمانا أو نزدد يقينا، فقال الأنصاري للثقفي: سل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: بل أنت فسله، فإني أعرف حقّك، فسأله، فقال: أخبرنا يا رسول اللّه، قال: «جئت تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام و مالك فيه و عن طوافك بالبيت، و مالك فيه، و ركعتيك بعد الطّواف، و مالك فيهما، و عن طوافك بالصّفا و المروة، و عن وقوفك بعرفة، و مالك فيه، و عن رميك الجمار و مالك فيه، و عن نحرك و مالك فيه، و عن حلاقك رأسك، و مالك فيه، و عن طوافك، و مالك فيه»- يعني الإفاضة- قال: و الذي بعثك بالحق عن هذا جئت أسألك! قال:
«فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام، لم تضع ناقتك خفّا و لن ترفعه إلا كتب اللّه لك به حسنة و محا به عنك خطيئة، و يرفع لك بها درجة، و أما ركعتاك بعد الطواف فإنهما كعتق رقبة من ولد إسماعيل، و أما طوافك بالصّفا و المروة فكعتقك سبعين رقبة، و أما وقوفك عشيّة