فالتفت أبي فلم يجبه و صلّى أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) «ما منعك يا أبيّ أن تجيبني إذ دعوتك» فقال: يا رسول اللّه كنت في الصلاة، قال: «أ فلم تجد فيما أوحي إليّ أن اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ»
الحديث.
فظهر بهاتين القصتين وجوب الإجابة.
قال القاضي جلال الدين و أما كونه لا تبطل الصلاة فلأن النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) أمره بالإجابة و لو كان في صلاة مفروضة أو نافلة لأن ترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة العموم من المقال، فلو كان ذلك مبطلا للصلاة مطلقا لم يأمره النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) بذلك، لأن قطع الصلاة بعد الشروع فيها إذا كانت فرضا حرام فإذا لم يكن هنالك ما يوجب ذلك كأن وجد أعمى و قدامه نحو بئر يقع فيه وجب إعلامه، و تبطل بذلك لقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ [محمد/ 33] و ذكر الإجابة بيّن في حديث أبيّ بن كعب.
و أما حديث أبي سعيد ففيه ذكر الإتيان، و الظاهر أنه محمول على الإجابة كما في الرواية الأخرى التي للبخاري فيكون من روى علم أنه روى بالمعنى و المعنى مشى في الصلاة و المشي مبطل فبطلت. قلت كلام الروضة كما قال شيخنا شيخ الإسلام زكريا في «شرح الروضة» شامل للإباحة بالفعل و إن كثر، صحت و لا تبطل به الصلاة.
و قال الأسنوي و هو المتجه و اللّه تعالى أعلم.
و إذا سأل النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) شخصا في الصلاة و كان ذلك في منزله دعاية له و لو قال يا فلان كما أشار إليه ابن حبان و استحسنه القاضي جلال الدين.
قال الخضري و محل وجوب الإجابة على لفظ يفهم عنه الجواب بأن يقول نعم و لبيك يا رسول اللّه و أما الزيادة على ذلك فلا تظهر لي فيه الجواز و لم أر من تعرض لذلك.
السابعة عشرة:
و بأن أولاد بناته ينسبون إليه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و أولاد غيره لا ينسبون إليه في الكفاءة و لا في غيرها.
روى أبو نعيم في ترجمة عمر عنه في أثناء حديث رفقة قال: و كل ولد آدم كان عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم و عصبتهم.
قال الحافظ أبو الخير السخاوي- (رحمه اللّه تعالى)- في فتاويه رجاله موثقون و للحديث شواهد رواه الطبراني في «الكبير» من طريق عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن شيبة بن نعامة عن فاطمة ابنة الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى و الخطيب من طريق محمد بن أحمد بن يزيد بن أبي العوام قال حدثنا أبي قال: حدثنا جرير قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فذكره.