و طائفة و صحّحه الغزاليّ في الخلاصة، و عليه اقتصر في الوجيز، و أشار البلقينيّ إلى ترجيحه و اختاره الشّيخ، و قالوا: كان يفعله تطوّعا، لأنّ في وجوبه عليه شغلا عن لوازم الرّسالة، و استدلّوا على ذلك بقوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ [الأحزاب/ 51] أي تبعد من تشاء فلا تقسم لها، و تقرّب من تشاء فتقسم لها.
قال القرطبيّ: و أصحّ ما قيل في هذه الآية التوسعة بين زوجاته (صلّى اللّه عليه و سلّم) و قال القاضي أبو بكر بن العربي هو الذي يعوّل عليه.
التاسعة:
و بجواز زواجه المرأة ممّن يشاء بغير إذنها بغير رضي وليّها و استدلّ القاضي جلال الدّين البلقينيّ لذلك بحديث سهل بن سعد من الواهبة نفسها، و ذلك أنّه قال للّذي قال: زوّجنيها إن لم يكن لك بها حاجة: زوّجتكها بما معك من القرآن، و لم ينقل في القصّة أنّه استأذنها أو استأذن أولياءها، و إذا نظر في الاحتمال إلى الوقائع سقط منها الاستدلال، قلنا:
لا نسلّم بل هذا من عبارة الشّافعي الأخرى و هي: ترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل بمنزلة العموم في المقال، لأنّ الوقائع من النّبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) لفظ يحال عليه العموم، و هو إسناد العقد إليه بقوله: «زوّجتكها بما معك من القرآن»، فلم يستفصل النبي (ص) إذ قال ذلك و لم يبيّن أن يكون لها أولياء و لا بيّن أن يأذن أم لا.
العاشرة:
و بأن يزوّج المرأة بنفسه و يتولّى الطّرفين بغير إذنها و إذن وليّها قال اللّه- سبحانه و تعالى-: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الأحزاب/ 6].
الحادية عشرة:
قيل: و نكاح المعتدّة في وجه.
قال النّوويّ: و هو غلط، و لم يذكره جمهور الأصحاب بل غلّطوا من ذكره، بل الصّواب القطع بامتناع نكاح المعتدة من غيره، قال القاضي جلال الدّين: و الدّليل على المنع أنّه لم ينقل فعل ذلك، و إنّما نقل عنه غيره، ففي حديث صفيّة أنّه سلّمها إلى أمّ سليم و فيه: و أحسبه قال: و تعتدّ في بيتها و في الصّحيح: أنّها لما بلغت عدتها فأحلت فبنى بها فبطل هذا الوجه بالكلّيّة، و كيف يكون ذلك و العدّة و الاستبراء وضعا في الشّرع؟ لدفع اختلاط الأنساب، و إذا كان في المسبيّة من نساء أهل الحرب، فكيف بمن يمكنها عدّة الزّوج من نساء أهل الإسلام؟
و يطرد مثل ذلك في المستبرأة أيضا، قال: و وقع في خلاصة الغزالي ما هو قريب من هذه الوجه، و قال ابن الصّلاح: إنه غلط منكر وردت نحوه منه.
الثانية عشرة:
قيل: و بعدم نفقة أزواجه، و الأصحّ خلافه، و دليله
قوله (صلّى اللّه عليه و سلّم): «ما تركت نفقة نسائي، و مؤونة عاملي فإنها صدقة»
فإذا كان يجب أن ينفق من ماله على زوجاته بعد وفاته فكيف لا تجب النّفقة لهنّ في حال حياته؟ فهذا الخلاف باطل قاله القاضي جلال الدّين.