و روى مسلم و البيهقي عن قيس بن السّكن، أنّ الأشعث بن قيس دخل على عبد اللّه يوم عاشوراء، و هو يأكل فقال: يا أبا محمّد، أدنه تأكل، فقال: إنّي صائم، قال: إنا كنا نصومه ثم ترك.
قال البيهقي: و في هذا أخبار كثيرة و كل ذلك ينفي التّخصيص، و النّهي لم يثبت و اللّه أعلم.
الرابعة و الثلاثون:
و بأنّه كان لا يجتنب الطّيب في الإحرام، و نهانا عنه لضعفنا عن ملك الشّهوات، إذ الطّيب من أسباب الجماع و دواعيه، ذكره المهلّب بن أبي صفرة المالكيّ، و أبو الحسن بن القصار و غيرهما، و رجّحه القاضي أبو بكر بن العربي، و استدلّوا لذلك بقول عائشة- رضي اللّه تعالى عنهما- كما في الصحيح كنت أطيّب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) لإحرامه حين يحرم، و لحلّه حين يحلّ. و أجيب بأنه كان يفعل ذلك قبل الاغتسال للإحرام، و استشكل بقول عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- في الصحيح: كأنّي أنظر إلى و بيص الطّيب في مفرق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم).
قال الإسماعيلي: الوبيص الطيب زيادة على البريق، و المراد به التّلألؤ، فإنّه يدل على وجود عين قائمة لا الرّيح فقط.
الخامسة و الثلاثون:
قيل و بأنّ له أن لا يكفّر عن يمينه. ذكره الزّمخشري في كشّافه، في قوله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ [التحريم/ 2]، أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) هل كفّر لذلك؟ فنقل عن الحسن أنّه لم يكفّر، لأنّه كان مغفورا له، و قيل: إنّه كفّر عن يمينه.
قال القرطبي: و هو الأصحّ، و أن المراد بذلك النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) ثم إن الأمة تقتدي به في ذلك.
السادسة و الثلاثون:
و بأنّه كان يدعو لمن شاء بلفظ الصّلاة، لأنّه منصبه المخصوص به، فله أن يضعه حيث شاء و استدل لذلك بما
رواه الشّيخان أنّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «اللّهمّ، صلّ على آل أبي أوفى»،
و يكره لغيره، ذلك كما رجّحه في الرّوضة، و صحّحه أكثر المتأخّرين كابن النّقيب في مختصر الكفاية و الدّميري.
و قيل: يحرم.
السابعة و الثلاثون:
قيل و بصلاته على الغائب. قاله جماعة من الحنفية و المالكية، و استدلوا بأشياء ردّها عليهم غيرهم، و قد بسط ذلك الحافظ في الفتح.