responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 434

و روى الشيخان عن أنس‌ أنّ النّبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) دخل مكّة يوم الفتح و على رأسه المغفر فلمّا نزعه جاء رجل فقال: يا رسول اللّه، ابن خطل معلّق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه.

فابن القاصّ- (رحمه اللّه تعالى)- معذور، فإنّه لمّا رأى حديث الأمان في دخول المسجد وحده، رأى في هذا الحديث الأمر بقتل ابن خطل بسط هذه الخصوصيّة، و هذا نهاية أمر الفقيه جمعا بين الأحاديث، لكنّ النّبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) لمّا أمّن النّاس استثنى ابن أخطل و غيره، كما سبق في غزوة الفتح.

التاسعة و العشرون:

و بأنّ له تعزير من شاء بغير سبب يقتضيه، و يكون له رحمة، ذكره ابن القاص، و تبعه الإمام و البيهقي، و لا يلتفت إلى قول من أنكره.

روى الشيخان عن أبي هريرة- رضي اللّه تعالى عنه- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: اللّهمّ، إنّي أتّخذ عندك عهدا لا تخلفنيه فإنما أنا بشر، فأيّ المؤمنين آذيته أو سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة و صلاة و قربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة».

و روى مسلم عن عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: دخلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و رجلان يكلّمانه بشي‌ء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما و سبّهما، فلمّا خرجا قلت: يا رسول اللّه، من أصاب من الخير شيئا ممّا أصابه هذان قال: «و ما ذاك»؟ قلت: لعنتهما و سببتهما قال:

«أ و ما علمت ما شارطت عليه ربّي؟ قلت: اللّهمّ، إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر، و أغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمّتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها لها طهورا و زكاة، و قربة تقرّبه بها يوم القيامة».

قال النوويّ- (رحمه اللّه تعالى)-: هذه الأحاديث منبهة على ما كان عليه- (عليه الصلاة و السلام)- من الشّفقة على أمّته، و من الاعتناء بمصالحهم، و الاحتياط لهم، و الرّغبة في كلّ ما ينفعهم، و هذه الرّواية الأخيرة تبيّن المراد من الرّوايات المطلقة، و أنّه يكون دعاؤه عليهم و سبّه و لعنه و نحو ذلك، رحمة و كفارة و زكاة و نحو ذلك، إذا لم يكن أهلا للدّعاء عليه و السب و اللعن و نحوه و كان مسلما و إلا فقد دعا (صلّى اللّه عليه و سلّم) على الكفّار و المنافقين، و لم يكن رحمة لهم.

فإن قيل: فكيف يدعو على من ليس بأهل للدّعاء عليه، أو يسبّه أو يلعنه و نحو ذلك؟ فالجواب من وجهين:

أحدهما: أن المراد ليس بأهل، لذلك عند اللّه تعالى في باطن الأمر، و لكنّه في الظّاهر مستوجب له فيظهر له (صلّى اللّه عليه و سلّم) استحقاقه لذلك بأمارة شرعيّة، و يكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك، و هو (صلّى اللّه عليه و سلّم) مأمور بالحكم بالظّاهر، و اللّه يتولّى السّرائر. انتهى.

و هذا الجواب ذكره المازري، و هو مبنيّ على قول من قال: إنّه كان يجتهد في الأحكام، و يحكم بما أدى إليه اجتهاده، و أما من قال: لا يحكم إلا بالوحي، فلا يتأتّى فيه هذا الجواب.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست