responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 415

قال اللّه تعالى: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً [الإسراء/ 45]، فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر، و لم تر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقالت: يا أبا بكر، إن صاحبك هجاني فقال: و ربّ هذا البيت، ما هجاك، قال: فولّت و هي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيّدها.

و وقع في «تنبيه» الشّيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ عدّة مواضع موزونة. قال النووي: كان لا يحسن الشّعر، و لكن يميّز بين جيّده و رديئه و قال الزّركشي: ظاهر كلامهم أنّ هذا من خصائص نبيّنا (صلّى اللّه عليه و سلّم) و أنّ غيره من الأنبياء ليس كذلك. قلت: و هو ظاهر لأنّ غيره من الأنبياء لم يؤتوا.

تنبيهان:

الأول: قال ابن فارس في فقه اللّغة: الشعر كلام موزون مقفى، دالّ على معنى، و يكون أكثر من بيت، و إنّما قلنا هذا، لأنّه جائز اتفاقا سطر واحد، بوزن يشبه وزن الشّعر من غير قصد، فقد قيل إنّ بعض النّاس كتب في عنوان الكتاب: للأمير المسيّب بن زهير بن عقال بن شيبة بن عقال، فاستوى هذا في الوزن الذي هو الخفيف، و لعلّ الكاتب لم يقصد به شعرا.

الثاني: فإن قيل: ما الحكمة في تنزيه اللّه تعالى نبيّه عن الشّعر؟ فالجواب: أو ما في ذلك حكم اللّه بأن الشّعراء يتبعهم الغاوون. و أنّهم في كلّ واد يهيمون، و أنّهم يقولون ما لا يفعلون فلم يكن ينبغي لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) الشّعر بحال، لأنّ للشّعر شرائط لا يسمّى الإنسان بغيرها شاعرا، و ذلك لو أن إنسانا عمل كلاما مستقيما موزونا، يتحرّى فيه الصّدق من غير أن يفرط أو يتعدّى، أو يمني أو يأتي منه بأشياء لا يمكن كونها منه لما سمّاه النّاس شاعرا، و لكان ما يقوله محمولا ساقطا.

و قال قال بعض العقلاء، و سئل عن الشّعر فقال: إن هزل أضحك، و إن جدّ كذب، و الشّاعر بين كذب و إضحاك، و إذا كان كذلك فقد نزّه اللّه تعالى نبيّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) عن هاتين الخصلتين، و بعد فإنّا لا نكاد نرى شاعرا إلّا مادحا غارقا أو هاجئا جبانا أقرع.

و هذه أوصاف لا تصلح لنبيّ، فإن قال قائل: فقد يكون من الشّعر الحكمة كما

قال النّبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم): «إنّ من البيان لسحرا و إنّ من الشّعر لحكمة»

قيل له: إنما نزهه اللّه تعالى عن قليل الشّعر و كثيره لما ذكرناه، فأمّا الحكمة فقد آتاه اللّه تعالى من ذلك القسم الأجزل، و النصيب الأوفر، في الكتاب و السّنّة، و معنى آخر في تنزيهه عن قول الشّعر: أنّ أهل العروض مجمعون على أنّه لا فرق بين صناعة العروض و صناعة الإيقاع، إلا أنّ صناعة الإيقاع تقسّم الزّمان بالنّظم، و صناعة العروض تقسّم الزّمان بالحروف المسموعة، فلمّا كان الشّعر ذا ميزان يناسب الإيقاع، و الإيقاع ضرب من الملاهي، لم يصلح ذلك لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و قد

قال (صلّى اللّه عليه و سلّم): «ما أنا من دد

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 415
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست