الباب الرابع في تبرك أصحابه رضي اللّه تعالى عنهم بكل شيء منه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أو اتصل به و محافظتهم على ذلك كله و اغتباطهم به و تعظيمهم له (صلّى اللّه عليه و سلّم)
روى الشيخان و البرقاني و أبو سعيد بن الأعرابي رضي اللّه عنه عن أبي جحيفة رضي اللّه عنه قال: خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بالهاجرة فأتي بوضوء فتوضّأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به.
و روى البخاري تعليقا و أسنده الإسماعيليّ عن أبي موسى رضي اللّه عنه قال: كنت عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و هو نازل بالجعرانة فذكر حديثا و فيه ثم دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بقدح فيه ماء فغسل يديه و وجهه و مجّ فيه، ثم قال لهما: «اشربا منه، و أفرغا على وجوهكما و نحوركما ...» [1]
الحديث.
و روى البخاري تعليقا و أسنده الإسماعيليّ عن عروة عن مروان و المسور بن مخرمة يصدّق كلّ واحد منهما صاحبه أن النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) كان إذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه.
و روى البخاري و غيره عن عروة عن المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم قالا: خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) عام الحديبية يريد زيارة البيت، و لا يريد قتالا، فذكر الحديث، و فيه: أن قريشا بعثت إليه عروة بن مسعود الثّقفيّ رضي اللّه عنه فجعل عروة يرمق أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بعينيه قال: فو اللّه ما نخم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم، فدلك بها وجهه و جلده، و إذا أمرهم ابتدروا أمره، و إذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه، و إذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده، ما يحدّون النّظر إليه تعظيما له، فرجع إلى أصحابه، و قد رأى ما يصنع برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش، إني جئت كسرى في ملكه، و جئت قيصر و النجاشيّ في ملكهما، فو اللّه ما رأيت ملكا قطّ يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمد محمدا [1] و اللّه إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم، فدلك بها وجهه و كفّه، و إن أمرهم ابتدروا أمره، و إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، و إذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده، و ما يحدّون النظر إليه تعظيما له و لقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا، فروا رأيكم فيه [2].
و روى أبو الحسن بن الضّحّاك عن أنس رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إذا
[1] أخرجه البخاري 1/ 59، 5/ 199 و البداية و النهاية 4/ 360.