و الحقيقة، كغالب الأنبياء (عليهم الصلاة و السلام)، و لهذا
قال: «نحن نحكم بالظّاهر» و في لفظ: «إنما أقضي بالظّاهر و اللّه يتولّى السّرائر».
و قال: «إنما أقضي بنحو ما أسمع فمن قضيت له بحقّ أخيه فإنما هي قطعة من النار»
و قال للعباس: «أما ظاهرك فكان علينا و أمّا سريرتك فإلى اللّه تعالى»
و قال في تلك المرأة: «لو كنت راجما أحدا من غير بيّنة لرجمتها»
و قال أيضا: «لو لا القرآن لكان لي و لها شأن»
فهذا كله صريح في أنه إنما يحكم بظاهر الشرع بالبيّنة أو الاعتراف دون ما أطلعه اللّه عليه من بواطن الأمور و حقائقها، ثم إن اللّه تبارك و تعالى زاده شرفا، و أذن له أن يحكم بالباطن، و ما اطّلع عليه من حقائق الأمور، فجمع له بين ما كان للأنبياء، و ما كان للخضر خصوصية خصّه اللّه بها و لم يجمع الأمران لغيره.
العاشرة بعد المائة.
و بأنه نصر بالرّعب مسيرة شهر أمامه و شهر خلفه.
الحادية عشر بعد المائة.
و بأنه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أوتي جوامع الكلم و فواتحه و خواتمه.
روى الشيخان عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه و الطبراني عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قالا: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «أعطيت خمسا لم يعطهنّ نبيّ قبلي نصرت بالرّعب مسيرة شهر» الحديث.
و روي أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «نصرت بالرّعب و أوتيت جوامع الكلم».
و روى الطبراني عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: نصر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بالرّعب على عدوّه مسيرة شهرين.
و روي أيضا عن السّائب بن يزيد رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «نصرت بالرّعب شهرا أمامي و شهرا خلفي».
و روى الطبراني بسند حسن عن معاوية بن حيدة القشيريّ رضي اللّه عنه قال: أتيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فلما دفعت إليه قال: «أما إنّي سألت اللّه أن يعينني بالسنة تخيفكم، و بالرّعب أن يجعله في قلوبكم» قال: فقال بيديه جميعا: أما إني قد خلقت هذا، و هكذا ألّا أومن بك، و لا أتبعك، فما زالت السّنة تخيفني و ما زال الرّعب يجعل في قلبي حتى قمت بين يديك