تقصر عنه العبارة، و لهذا كان أجود ما يكون في رمضان، لكثرة لقائه جبريل.
و قيل: معنى لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ أي لنحفظه فإنه (عليه الصلاة و السلام) كان أميا لا يقرأ و لا يكتب، ففرق عليه ليثبت عنده حفظه بخلاف غيره من الأنبياء، فإنه كان كاتبا قارئا فيمكنه حفظ الجميع.
و قال غيره: إنما لم ينزل جملة واحدة، لأنّ منه الناسخ و المنسوخ و لا يتأتّى ذلك إلا فيما أنزل مفرّقا، و منه ما هو جواب لسؤال، و ما هو إنكار على قول قيل، أو فعل فعل، و قد تقدم ذلك في قول ابن عباس: و نزله جبريل بجواب كلام العباد و أعمالهم، و فسّر به قوله تعالى:
وَ لا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان 33] رواه عنه ابن أبي حاتم.
فالحاصل أن الآية تضمنت حكمتين لإنزاله مفرّقا.
الخمسون.
و بأنه نزل على سبعة أحرف.
الحادية و الخمسون.
و منه سبعة أبواب.
روى الشيخان عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده و يزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف».
و روى مسلم عن أبيّ بن كعب رضي اللّه عنه أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «إن ربي أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف، فرددتّ إليه أن يا ربّ هوّن على أمتي، فأرسل إليّ أن أقرأ على حرفين فرددت إليه فقلت: يا ربّ هوّن على أمتي فردّ الثالثة و ما زلت كذلك حتّى قيل لي اقرأ على سبعة أحرف و لك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها فقلت: اللهم أغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي، و أخّرت الثالثة ليوم يرغب إليّ فيه الخلق حتى إبراهيم (عليه الصلاة و السلام)».
و روى الحاكم و البيهقي عن ابن مسعود رضي اللّه عنه عن النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «كان الكتاب الأوّل ينزل من باب واحد على حرف واحد، و نزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، زجر و أمر و حلال و حرام، و محكم و متشابه و أمثال ...».
تنبيه:
ليس المراد بالسّبعة الأحرف سبع قراءات، فإن ذلك- كما قال أبو شامة- خلاف إجماع أهل العلم قاطبة و إنّما يظنّ ذلك بعض أهل الجهل بل المراد سبعة أوجه من المعاني المتّفقة بألفاظ مختلفة نحو «أقبل» «و تعال» «و هلمّ» «و أسرع» و إلى هذا ذهب ابن