لونه، قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده، فأتى قريشا، فقالوا له: مالك؟
قال: لما قمت إليه عرض لي فحل من الإبل، فو اللّه ما رأيت مثل هامته و لا قصرته، و لا أنيابه لفحل قطّ، فهمّ أن يأكلني، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «ذاك جبريل، لو دنا مني لأخذه»،
و روى الإمام أحمد و الترمذي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: مرّ أبو جهل بالنبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) و هو يصلي، فقال: ألم أنهك أن تصلّي يا محمد، لقد علمت ما بها أحد أكثر ناديا مني فانتهره النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال جبريل: فليدع ناديه سندع الزّبانية، فو اللّه لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب.
الباب الثالث في عصمته (صلّى اللّه عليه و سلّم) من العوراء بنت حرب بن أمية امرأة أبي لهب
روى أبو يعلى و ابن حبان و الحاكم، و صححه ابن مردويه، و البيهقي عن أسماء بنت أبى بكر، و ابن أبي شيبة و الدار قطني و أبو نعيم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما و ابن مردويه عن أبي بكر رضي اللّه عنهم قالوا: لما نزلت: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَأقبلت العوراء أمّ جميل، و لها ولولة، و في يديها فهر، و هي تقول: مذمّما أبينا و دينه قلينا و أمره عصينا و النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) جالس في المسجد و معه أبو بكر رضي اللّه عنه إلى جنبه فقال أبو بكر: لقد أقبلت هذه، و أنا أخاف أن تراك، فقال: «إنّها لن تراني»، و قرأ قرآنا فاعتصم به، كما قال تعالى: وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً[الإسراء 45] فجاءت حتى أقامت على أبي بكر فلم تر النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقالت: أين الذي هجاني و هجا زوجي، فقال: لا و ربّ هذا البيت ما هجاك، فولّت، و هي تقول: قد علمت قريش أني بنت سيّدها و في لفظ: يا أبا بكر، ما شأن صاحبك ينشد فيّ الشعر، بلغني أنّ صاحبك هجاني فقال أبو بكر: و اللّه ما صاحبي بشاعر و لا هجاك، فقالت: أليس قد قال: «في جيدها حبل من مسد»، فما يدريه ما في جيدي، قال النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم): «قل لها: هل ترين عندي أحدا، فإنها لن تراني، جعل اللّه بيني و بينها حجابا»، فسألها أبو بكر، فقالت: أتهزأ بي و اللّه، ما أرى عندك أحدا، فانصرفت و هي تقول: قد علمت قريش أنّي بنت سيّدها، فقال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه، إنّها لم ترك، فقال: «حال بيني و بينها جبريل، يسترني بجناحيه حتى ذهبت».