جماع أبواب معجزاته (صلّى اللّه عليه و سلّم) في عصمته من الناس
الباب الأول في كفاية اللّه تعالى رسوله أمر المستهزئين و الكلام على قوله تبارك و تعالى و اللّه يعصمك من الناس
قال اللّه تعالى: وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [الأنعام 10] و قال عز و جل: وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا، وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ، وَ لَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ [الأنعام 34] و قال تبارك و تعالى: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر 95]
و روى أبو نعيم و البيهقيّ و صححه الضّياء في المختارة عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: المستهزؤون هم الوليد بن المغيرة و الأسود بن عبد يغوث و الأسود بن المطّلب، و الحارث بن عيطلة السّهميّ، فلما أكثروا برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) الاستهزاء أتاه جبريل فشكا إليه فأراه الوليد، فأومأ جبريل إلى أكحله، قال: «ما صنعت؟» قال: كفيته ثم أراه الأسود بن المطلب فأومأ إلى عينيه، فقال: «ما صنعت؟» قال: كفيته، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث، فأومأ إلى رأسه، فقال: «ما صنعت؟» قال: كفيته، فأما الوليد فمرّ به رجل من خزاعة، و هو يريش نبلا له، فأصاب أكحله، فقطعها، و أما الأسود بن المطلب فنزل تحت سمرة، فجعل يقول: يا بني ألا تدفعون عنّي فجعلوا يقولون:
ما نرى شيئا، و هو يقول: قد هلكت ها هو ذا أطعن بالشّوك في عيني فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه، و أما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها و أمّا الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج من فيه فمات منها، أما العاص فركب إلى الطائف على حمار فربض على شبرقة، فدخل في أخمص قدمه شوكة فقتلته.
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
الأبجل: بالباء الموحدة و الجيم عرق في باطن الذراع و هو من الفرس و البعير بمنزلة الأبجل من الإنسان و قيل هو عرق غليظ في الرجل ما بين العصب و العظم.
الحزؤ: العذرة و جمعه حزوء.
الشبرقة: حجازي و هو شوك فإذا يبس سمي الضريع.
و روى أبو الشيخ و ابن مردويه و البيهقي عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كان رجل