من الرّميّة، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، و ينظر في القدح فلا يرى شيئا، و ينظر في الرّيش فلا يرى شيئا، و يتمارى في الفوق هل علق به من الدم شيء».
و روى أبو نعيم عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «يأتي على النّاس زمان يتعلّمون القرآن فيجمعون حروفه، و يضيّعون حدوده، ويل لهم مما جمعوا و ويل لهم مما صنعوا، إن أولى الناس بهذا القرآن من جمعه لم ير عليه أثره».
و روى الإمام أحمد و مسلم و ابن ماجة و الطبراني في الكبير عن أبي ذرّ و رافع بن عمر و الغفاريّ رضي اللّه عنه أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «سيكون بعدي من أمّتي قوم يقرأون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدّين كما يخرج السهم من الرّميّة ثم لا يعودون فيه، هم شرّ الخلق و الخليفة سيماهم التحليق».
تنبيهات.
الأول: مذهب مالك الشافعي و جماهير العلماء رضي اللّه عنهم أنّ الخوارج لا يكفرون، و كذلك القدريّة و المعتزلة، و سائر أهل الأهواء.
الثاني:
قوله (صلّى اللّه عليه و سلّم): «إذا رأيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا».
قال القاضي: أجمع العلماء رضي اللّه عنهم على أن الخوارج و أشباههم من أهل البدع و البغي متى خرجوا على الإمام، و خالفوا رأي الجماعة، و شقّوا العصا وجب قتالهم بعد إنذارهم و الإعذار لهم فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات 9] و لكن لا يجهز على جريحهم، و لا يتبع منهزمهم، و لا يقتل أسيرهم، و لا تباح أموالهم ما لم يخرجوا عن الطّاعة، و ينتصبوا للحرب لا يقاتلون، بل يوعظون و يستتابون من بدعتهم، فإن كفروا بها جرت عليهم أحكام المرتدّين.
الثالث: قوله (صلّى اللّه عليه و سلّم): «شرّ الخليقة» المشهور فيه بغير ألف، تأوّله الجمهور على أنّه شرار المسلمين».
الرابع: قوله: «يقولون من خير قول البرية» معناه في ظاهر الأمر، كقولهم: لا حكم إلا للّه و نظائره من دعاياهم إلى كتاب اللّه.
الخامس: في بيان غريب ما سبق الرّصاف: بكسر الراء و صاد مهملة مدخل النّصل من السهم:
القدح: بكسر القاف و سكون الدال و الحاء المهملتين عود السهم.