قال النووي: المراد بها التكّليف الذي كلّف اللّه تعالى به عباده و العهد الذي أخذه عليهم و هي التي في قوله: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ [الأحزاب 72].
الثاني: معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئا فشيئا فإذا زال أول جزء منها، زال نورها و خلفته ظلمة كالوكت و هو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله، فإذا زال شيء آخر صار كالمجل و هو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، و هذه الظّلمة فوق التي قبلها ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب و خروجه بعد استقراره فيه و اعتقاب الظلمة إياه بجسر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر و يبقى التنفط و أخذه الحصاة و دحرجته إياها أراد بها زيادة البيان و إيضاح المذكور.
الثالث: في بيان غريب ما سبق:.
الجدر: بفتح الجيم و إسكان الدال هو الأصل.
الوكت: بفتح الواو و سكون الكاف و مثناة فوقية الأثر اليسير، و قيل: سواد يسير، و قيل:
لون يحدث يخالف اللون الذي كان قبله.
المجل: بفتح الميم و في الجيم الفتح و الإسكان و هو المشهور يقال: منه مجلت يده بكسر الجيم تمجل بفتحها مجلا أيضا، و مجلت بفتح الجيم تمجل بضمها و بإسكانها لغتان مشهورتان و أمجلها غيرها.
النفط: بفتح النون و كسر الفاء و المجل هو التنفط الذي يصير في اليد من العمل بفأس أو نحوها، و يصير كالقبة فيه ماء قليل و ذكره مع أن الرجلة مؤنث لإرادة العضو.
منتبرا: بنون ثم مثناة فوقية ثم موحدة و راء مرتفعا و منه المنبر لارتفاعه، و ارتفاع الخطيب عليه.
الباب الثالث و السبعون في إخباره (صلّى اللّه عليه و سلّم) بأن محمد بن مسلمة رضي اللّه تعالى عنه لا تضره الفتنة
روى أحمد بن منيع و البيهقي في الكبرى و ابن أبي شيبة و ابن ماجة عن أبي بردة رضي اللّه عنه قال: مررت بالربذة فإذا فسطاط، فقلت لمن هذا؟ فقيل لمحمد بن مسلمة