سيكفيكه إمّا يد مقفعلّة* * * و إمّا يد مبسوطة ببنان
و لمّا قضت منه أمينة ما قضت* * * نبا بصري عنه و كلّ لساني
[1] و روى ابن سعد، عن يزيد بن عبد اللّه بن وهب بن زمعة عن عمه، و البيهقي عن ابن إسحاق (رحمهما اللّه تعالى) قال: كنا نسمع أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) لما حملت به آمنة كانت تقول:
ما شعرت أني حملت به و لا وجدت ثقله كما تجد النساء إلا أنني أنكرت رفع حيضتي و ربما ترفعني و تعود و أتاني آت و أنا بين النائم و اليقظان فقال لي هل شعرت أنك حملت؟ فأقول: ما أدري فقال: إنك حملت بسيد هذه الأمة و نبيها و ذلك يوم الإثنين و آية ذلك أنه يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام، فإذا وضع فسمّيه محمدا. قالت: فكان ذلك مما يقّن عندي الحمل، ثم أمهلني حتى إذا دنت ولادتي أتاني ذلك فقال قولي:
أعيذه بالواحد* * * من شرّ كلّ حاسد
قالت: فكنت أقول ذلك فذكرته لنسائي فقلن: تعلّقي عليك حديدا و في عضديك و في عنقك. ففعلت فلم يكن يترك عليّ إلا أياما فأجده قد قطع، فكنت لا أ تعلّقه.
[و لبعضهم شعر:]
حملته آمنة و قد شرفت به* * * و تباشرت كلّ الأنام بقربه
حملا خفيفا لم تجد ألما به* * * و تباشرت وحش الفلا فرحا به
و استبشرت من نورهنّ و كيف لا* * * وهو الغياث و رحمة من ربّه
قولها: و لا وجدت له ثقلا: قال في الزّهر في حديث شدّاد عكسه، و جمع بأن الثقل في ابتداء الحمل و الخفة عند استمراره ليكون ذلك خارجا عن المعتاد. قلت: و بذلك صرّح الحافظ أبو نعيم (رحمه اللّه تعالى).
و عن بريدة و ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما قالا: رأت آمنة و هي حامل برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فقيل لها: إنك حبلى بخير البرية و سيد العالمين، فإذا ولدتيه فسميه أحمد أو محمدا أو علقي عليه هذه. فانتبهت و عند رأسها صحيفة من ذهب مكتوب عليها:
أعيذه بالواحد* * * من شرّ كلّ حاسد
و كلّ خلق زائد* * * من قائم و قاصد
عن السّبيل حائد* * * على الفساد جاهد
من نافث أو عاقد* * * و كلّ خلق مارد
[1] الأبيات في الروض الأنف 1/ 180، و البداية و النهاية 2/ 250.