responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 207

و روى الأزرقي عن ابن جريج- (رحمه اللّه تعالى)- قال: الحطيم ما بين الركن و المقام و زمزم و الحجر، و كان إساف و نائلة (رجل و امرأة) دخلا الكعبة فقبّلها فيها فمسخا حجرين فأخرجا من الكعبة فنصب أحدهما في مكان زمزم و الآخر في وجه الكعبة يعتبر بهما الناس و يزدجروا عن مثل ما ارتكبا، فسمّي هذا الموضع الحطيم لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالأيمان و يستجاب فيه الدعاء على الظالم للمظلوم، فقلّ من دعا هنالك على ظالم إلا هلك، و قلّ من حلف هنالك إثما إلا عجّلت عليه العقوبة، و كان ذلك يحجز بين الناس عن الظلم و يتهيب الناس الأيمان هنالك، فلم يزل ذلك كذلك حتى جاء اللّه تعالى بالإسلام فأخّر اللّه تعالى ذلك لما أراد إلى يوم القيامة.

تنبيه: في الأحاديث السابقة أن اللّه تعالى حرّم مكة. و لا يخالف ذلك ما

رواه الإمام أحمد و مسلم و النسائي و غيرهم، عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قال: «إن إبراهيم حرّم مكة، و إني حرّمت المدينة»

[1] لأن المعنى: أن إبراهيم حرّم مكة بأمر اللّه تعالى لا باجتهاده، أو أن اللّه قضى يوم خلق السموات و الأرض أن إبراهيم سيحرّم مكة. أو المعنى: أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس و كانت قبل ذلك عند اللّه حراما، و أول من أظهره بعد الطوفان.

و قال القرطبي [2] معنى الأحاديث السابقة: أن اللّه تعالى حرّم مكة ابتداء من غير سبب ينسب لأحد. و لا لأحد فيه مدخل، و لأجل هذا أكّد هذا المعنى بقوله: «و لم يحرّمها الناس».

و المراد بقوله: و لم يحرمها الناس أن تحريمها ثابت بالشرع لا مدخل للعقل فيه. أو المراد: أنها من محرّمات اللّه تعالى فيجب امتثال ذلك، و ليس ذلك من محرّمات الناس، يعني في الجاهلية كما حرّموا أشياء من عند أنفسهم، فلا يسوغ الاجتهاد في تركه. و قيل معناه: أن حرمتها مستمرة من أول الخلق و ليس مما اختصت به شريعة النبي (صلّى اللّه عليه و سلم).


[1] أخرجه مسلم 2/ 992 كتاب الحج (458- 1362).

[2] محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي، أبو عبد اللّه، القرطبي: من كبار المفسرين، صالح متعبد. من أهل قرطبة. رحل إلى الشرق و استقر بمنية بن خصيب في شمالي أسيوط، بمصر و توفي فيها. من كتبه «الجامع لأحكام القرآن» و كان ورعا متعبدا، طارحا للتكلف، يمشي بثوب واحد و على رأسه طاقية. توفي سنة 671 ه. الأعلام 5/ 322.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست