ذكر تعظيم ما [1] لا يعقل للحرم روى ابن أبي الدنيا في «ذمّ الملاهي» عن جويرية بن أسماء [2] عن عمه (رحمهما اللّه تعالى) قال: حججت مع قوم فنزلنا منزلا و معنا امرأة، فنامت فانتبهت و حيّة منطوية عليها جمعت رأسها مع ذنبها بين ثدييها فهالنا ذلك و ارتحلنا فلم تزل مطوية عليها لا تضرّها شيئا، حتى دخلنا أنصاب الحرم فانسابت فدخلنا مكة فقضينا نسكنا و انصرفنا، حتى إذا كنا بالمكان الذي تطوّقت عليها فيه الحية، و هو المنزل الذي نزلنا فنامت فاستيقظت و الحية منطوية عليها، ثم صفرت الحية فإذا بالوادي يسيل علينا حيّات فنهشنها حتى بقيت عظاما، فقلت لجارية لها: ويحك أخبرينا عن هذه المرأة. قالت: بغت ثلاث مرات، كل مرة تلد ولدا فإذا وضعته سجرت التّنور ثم ألقته فيه.
و روى الأزرقي عن ابن أبي نجيح- (رحمه اللّه تعالى)- قال: لم تكن كبار الحيتان تأكل صغارها في الحرم زمن الطوفان.
و روى ابن أبي شيبة عن ابن سابط [3]- (رحمه اللّه تعالى)- قال: كان الناس إذا كان الموسم في الجاهلية خرجوا و لم يبق أحد بمكة، و إنه تخلّف رجل سارق فعمد إلى قطعة من ذهب فوضعها ليأخذ أخرى، فلما أدخل رأسه همزه البيت فوجدوا رأسه في البيت و استه خارج البيت فألقوه للكلاب.
و روى الجندي عن طاوس [4]- (رحمه اللّه تعالى)- قال: إن أهل الجاهلية لم يكونوا يصيبون في الحرم شيئا إلا عجّل لهم و يوشك أن يرجع إلى ذلك.
و الأحاديث و الآثار في تعظيم حرمة الحرم أكثر من أن تحصر.
و روى الأزرقي عن حويطب بن عبد العزّى [5] رضي اللّه تعالى عنه- قال: كنا جلوسا بفناء الكعبة في الجاهلية فجاءت امرأة إلى البيت تعوذ به من زوجها فجاء زوجها فمد يده إليها فيبست يده، فلقد رأيته في الإسلام و إنه لأشلّ.
[2] جويرية بن أسماء بن عبيد الضّبعي بضم المعجمة البصري. عن نافع و الزهري. و عنه ابن أخيه عبد اللّه بن محمد، و حبّان بن هلال. وثقه أحمد. توفي سنة ثلاث و سبعين و مائة. الخلاصة 1/ 174.
[3] عبد الرحمن بن سابط، و يقال ابن عبد اللّه بن سابط و هو الصحيح، و يقال ابن عبد اللّه بن عبد الرحمن الجمحي المكي، ثقة كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة ثمان عشرة. التقريب 1/ 48.
[4] طاوس بن گيسان اليماني، أبو عبد الرحمن، الحميري مولاهم، الفارسي يقال اسمه ذكوان، و طاوس لقب، ثقة فقيه، فاضل، من الثالثة، مات سنة ست و مائة، و قيل بعد ذلك. التقريب 1/ 377.
[5] حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ودّ، من بني عامر بن لؤيّ: صحابيّ قرشيّ، من المعمرين، تجاوز المئة.
حارب الإسلام إلى أن فتحت مكة، فأسلم. و شهد مع النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) حنينا و الطائف. و كان من أهل مكة فانتقل إلى المدينة و مات بها. توفي سنة 54 ه. الأعلام 2/ 289.