فبعد دعوته (صلى اللّه عليه و سلم) طاب لهم المقام، و انصرفت عنهم الأسقام، عند قوم كرام.
و في ذلك يقول أبو قيس صرمة بن أبي أنس، أحد بني النّجّار رضي اللّه عنه، [من الطّويل] [1]:
ثوى في قريش بضع عشرة حجّة* * * يذكّر لو يلقى صديقا مواتيا [2]
و يعرض في أهل المواسم نفسه* * * فلم ير من يؤوي و لم ير داعيا
فلمّا أتانا أظهر اللّه دينه* * * فأصبح مسرورا بطيبة راضيا
و ألفى صديقا و اطمأنّت به النّوى* * * و كنّا له عونا من اللّه باديا
يقصّ لنا ما قال نوح لقومه* * * و ما قال موسى إذ أجاب المناديا
فأصبح لا يخشى من النّاس واحدا* * * قريبا و لا يخشى من النّاس نائيا [3]
بذلنا له الأموال من كلّ مالنا* * * و أنفسنا عند الوغى و التّاسيا [4]
[1] ابن هشام، ج 2/ 512.
[2] ثوى: أقام. مواتيا: موافقا.
[3] نائيا: بعيدا.
[4] الوغى: الحرب. التّاسي: التّعاون.