نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 161
و أمّا أنّ التّوراة التي هي الآن بأيدي اليهود ليست التوراة التي أنزلها اللَّه على موسى (عليه السلام)
فاعلم أن توراة اليهود: بيد اليهود نسخة، و بيد السامرية نسخة، و بيد النصارى نسخة، و النّسخ الثلاث مختلفة في كثير من الأمور غير متوافقة، و كل فرقة تحيل التحريف على غيرها، فالتغيير لازم، و يظهر عند التأمل أن التوراة التي بأيديهم الآن في مشارق الأرض و مغاربها قد زيد فيها و غيرت ألفاظ منها و بدلت، و ليست هي التوراة التي أنزلت على موسى، لأن موسى (عليه السلام) صان التوراة عن بني إسرائيل خوفا من اختلافهم من بعده في تأويلها المؤدي إلى تفرقهم أحزابا و إنما سلمها إلى عشيرته أولاد لاوي.
و الدليل على ذلك قوله تعالى: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ[1]، قيل:
حرفوه بالتبديل، و قيل: بالتأويل، و الحق: أنهم حرفوه بالأمرين، و لعل اختلاف العبارتين في قوله: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ و مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ[2] إشارة إلى ذلك، و يشبه أن تحريفه من بعد مواضعه بالتبديل، و عن مواضعه بالتأويل، لأن التبديل أخص التحريفين، و من بعد مواضعه أخص العبارتين، فيجعل الأخص للأخص عملا بموجب المناسبة.
و قد قال في التوراة: و كتب موسى هذه التوراة و دفعها إلى الأئمة من بني لاوي و كان بنو هارون قضاة اليهود و حكامهم، لأن الإمامة و خدمة القرابين و البيت المقدس كانت موقوفة عليهم، و لم يبذل موسى (عليه السلام) من التوراة إلا نصف سورة، و هي التي قال فيها: و كتب موسى هذه السورة و علمها بني إسرائيل- هذا نص التوراة عندهم.
قال: و تكون لي هذه السورة شاهدة على بني إسرائيل، و فيها: قال اللَّه:
لأن هذه السورة لا تنسى من أفواه أولادهم، و هذه السورة مشتملة على ذم طبائعهم، و أنهم سيخالفون شرائع التوراة، و أن السخط يأتيهم بعد ذلك، و يخرب ديارهم، و يشتتون في البلاد.