نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 296
و أما جزمه أولا بأن جميع أدعيتهم مستجابة ففيه غفلة عن الحديث الصحيح:
سألت اللَّه ثلاثا فأعطاني اثنتين و منعني واحدة. و قال ابن بطال: في هذا الحديث بيان فضيلة نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) على سائر الأنبياء حيث آثر أمته على نفسه و أهل بيته بدعوته المجابة، و لم يجعلها أيضا دعاءً عليهم بالهلاك كما وقع لغيره ممن تقدم [1].
و قال ابن الجوزي: هذا من حسن تصرفه (صلى اللَّه عليه و سلم)، لأنه جعل الدعوة بشيء ينبغي، و من كثرة كرمه أنه آثر أمته على نفسه، و من صحة نظره أنه جعلها للمذنبين من أمته لكونهم أحوج إليها من الطائعين.
و قال النووي: فيه كمال شفقته (صلى اللَّه عليه و سلم) على أمته و رأفته بهم، و اعتناؤه بالنظر في مصالحهم، فجعل دعوته في أهم أوقات حاجتهم [2].
قال أبو عمر بن عبد البر: و أما قوله: لكل نبي دعوة يدعو بها، فمعناه:
أن كل نبي أعطى أمنية و سؤلا و دعوة يدعو بها ما شاء أجيب و أعطيه. و لا وجه لهذا الحديث غير ذلك، لأن لكل نبي دعوات مستجابات، و لغير الأنبياء أيضا، دعوات مستجابات، و ما يكاد أحد من أهل الإيمان يخلو من أن تجاب دعوته و لو مرة في عمره، فإن اللَّه تعالى يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[3]، و قال:
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ[4]، و قال (صلى اللَّه عليه و سلم): ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما يستجاب له فيما دعا به، و إما أن يدخر له مثله، أو يكفر عنه [5]. و قال: دعوة المظلوم لا ترد و لو كانت من كافر، و الدعاء عند حضرة النداء، و الصف في سبيل اللَّه، و عند نزول الغيث، و في ساعة يوم الجمعة لا يرد، فإذا كان هذا، هكذا لجميع المسلمين، فكيف يتوهم متوهم أن ليس للنّبيّ (صلى اللَّه عليه و سلم) و لا لسائر الأنبياء إلا دعوة واحدة يجابون فيها، هذا ما لا يتوهمه ذو لب و لا إيمان، و لا من له أدنى فهم، و باللَّه التوفيق.