نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 295
إيضاح و تبيان
قد استشكل ظاهر قوله: لكل نبي دعوة يدعو بها، إنما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة، و لا سيما نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم)، فإنه ظاهره أن لكل نبي دعوة واحدة مجابة فقط، و الجواب: أن المراد بالإجابة الدعوة المذكورة القطع بها، و ما عدا ذلك من دعوات فهو على رجاء الإجابة، و قيل: مضى قوله: لكل نبي دعوة أي أفضل دعواته، و لهم دعوات أخر، و قيل: لكل منهم دعوة عامة مستجابة في أمته إما بإهلاكهم أو بنجاتهم، و أما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب و منها ما لا يستجاب: و قيل: لكل منهم دعوة تخصه لدنياه أو لنفسه، كقول نوح (عليه السلام): لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً[1]، و قول زكريا (عليه السلام): فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا[2]، و قول سليمان (عليه السلام): وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[3]، حكاه ابن التين.
و قال بعض شراح (المصابيح): اعلم أن جميع دعوات الأنبياء مستجابة، و المراد بهذا الحديث أن لكل نبي دعاء على أمته بالإهلاك إلا أنا فلم أدع، فأعطيت الشفاعة عوضا عن ذلك للصبر على أذاهم، و المراد بالأمة: أمة الدعوة لا أمة الإجابة، و تعقبه الطيبي بأنه (صلى اللَّه عليه و سلم) دعا على أحياء من العرب، و دعا على الناس من قريش بأسمائهم، فدعا على رعل و ذكوان و غيرهم. قال: و الأولى أن يقال: أن اللَّه تعالى جعل لكل نبي دعوة تستجاب في حق أمته، فنالها كل منهم في الدنيا إلا نبينا فإنه لما دعا على بعض أمته نزل عليه: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ[4]، فبقي تلك الدعوة المستجابة مدّخرة للآخرة، و غالب من دعا عليهم لم يرد إهلاكهم، و إنما أراد ردعهم ليتوبوا [5].