و خرج البخاري من حديث سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد [المقبري] [2] عن سعيد عن أبي هريرة أنه قال: قيل [3] يا رسول اللَّه، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال [رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)] [4] لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا اللَّه خالصا من قلبه، أو نفسه [5]. ذكره في كتاب العلم و ترجم عليه باب الحرص
[ ()] و تعقبه الطيبي- و في نسخة القرطبي- بأنه (صلى اللَّه عليه و سلم) دعا على أحياء من العرب، و دعا على أناس من قريش بأسمائهم، و دعا على رعل، و ذكوان، و دعا على مضر، قال: و الأولى أن يقال: إن اللَّه جعل لكل نبي دعوة تستجاب في حق أمته، فنالها كل منهم في الدنيا، و أما نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) فإنه لما دعا على بعض أمته، نزل عليه لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، فبقي تلك الدعوة المستجابة مدخرة للآخرة، و غالب من دعا عليهم لم يرد إهلاكهم، و إنما أراد ردعهم ليتوبوا.
و أما جزمه أولا بأن جميع أدعيتهم مستجابة، ففيه غفلة عن
الحديث الصحيح: «سألت اللَّه ثلاثا فأعطاني اثنتين و منعني واحدة».
قال ابن بطال: في هذا الحديث بيان فضل نبينا (صلى اللَّه عليه و سلم) على سائر الأنبياء، حيث آثر أمته على نفسه و أهل بيته بدعوته المجابة، و لم يجعلها أيضا دعاء عليهم بالهلاك كما وقع لغيره ممن تقدم.
و قال ابن الجوزي: هذا من حسن تصرفه (صلى اللَّه عليه و سلم)، لأنه جعل الدعوة فيما ينبغي، و من كثرة كرمه أنه آثر أمته على نفسه، و من صحة نظره لأنه جعلها للمذنبين من أمته، لكونهم أحوج إليها من الطائعين.
و قال النووي: فيه كمال شفقته (صلى اللَّه عليه و سلم) على أمته و رأفته بهم، و اعناؤه بالنظر في مصالحهم، فجعل دعوته في أهم أوقات حاجتهم.
و أما قوله: «فهي نائلة»، ففيه دليل لأهل السنة أن من مات غير مشرك لا يخلد في النار، و لو مات مصرا على الكبائر. مختصرا من (فتح الباري): 11/ 116- 117.
[5] ذكره البخاري في كتاب العلم، باب (32) الحرص على الحديث، حديث رقم (99). قوله (صلى اللَّه عليه و سلم): أولى منك»، فيه فضل أبي هريرة رضي اللَّه عنه، و فضل الحرص على تحصيل العلم.
قوله (صلى اللَّه عليه و سلم): «من قال: لا إله إلا اللَّه»،
احتراز من المشرك، و المراد مع قوله: محمد رسول اللَّه، لكن قد يكتفي بالجزء الأول من كلمتي الشهادة، لأنه صار شعارا لمجموعهما كما تقدم في الإيمان ...
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 285