نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 3 صفحه : 113
ما كان فيهم، و لم يقصّ على خطأ كان من رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) إكراما له و تشريفا، فقال عز من قائل: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً[1]، و هذا غاية الفضل و الشرف، لأنه تشريف النبي (صلى اللَّه عليه و سلم) من غير أن يكون هناك ذنب، و لكنه تعالى استوعب في هذه الآية جميع أنواع النعم الأخروية و الدنيوية التي أنعم اللَّه بها على عباده، فلم تبق نعمة يمكن أن تكون من اللَّه تعالى على عباده إلا و قد جمعها لرسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، فإن جميع النعم الأخروية شيئان: سلبية و هي غفران الذنوب، و ثبوتية و هي لا تتناهى، أشار إليها بقوله: وَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ[1]، و جميع النعم الدنيوية شيئان: دينية أشار إليها بقوله: وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً[1]، و دنيوية، و إن كانت هنا المقصود بها الدين، و هي قوله:
وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً[1]، و قدم الأخروية على الدنيوية، و قدم في الدنيوية الدينية على غيرها تقديما للأهم فالمهم، فانتظم بذلك تعظيم قدر رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) بإتمام نعم اللَّه تعالى عليه، المتفرقة في غيره، و لهذا قال: جعل ذلك غاية الفتح المبين الّذي عظمه و فخمه بإسناده إليه بنون العظمة، و جعله خاصا برسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) بقوله:
لك.
و قد أشار ابن عطية إلى هذا فقال: و إنما المعنى: التشريف بهذا الحكم، و لو لم يكن له ذنب البتة. انتهى.
و قد ذكر الناس أقوالا أخر، منها: ما يجب تأويله، و منها ما يجب ردّه، فمن ذلك ما روى عن ابن عباس رضي اللَّه عنه: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ أي ما يكون، و هذا يمكن تأويله على ما قدمناه، أي مما يكون لو كان، و المعنى أنك يا سيد المرسلين بحالة لو كان لك ذنوب ماضية و مستقبلة لغفرنا جميعها لك لشرفك عندنا.
و منها قول مقاتل: لِيَغْفِرَ لَكَ ما كان في الجاهلية، و هذا مردود، لأن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ليس له جاهلية، و من قال: ليغفر لك ما كان قبل النبوة فهو مردود