responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين    جلد : 3  صفحه : 102

موجدهم تقدّس و تعالى.

و آخرون آتاهم اللَّه تعالى من هذا الاستعداد دون ما أتى من ذكرنا، فاحتاجوا إلى أن يدعوا إلى اللَّه و يدلّوا على الطريق إليه، و هم الذين دخلوا في دين الإسلام من المهاجرين و الأنصار، و قصر هذا الاستعداد في قلوب آخرين حتى احتاجوا في دخولهم في الإيمان إلى أن أظهر لهم رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) من آياته و معجزاته ما قادهم إلى الإيمان به طوعا، و انحط فريق عن هذه الرتب لضعف الاستعداد عندهم لقبول الهدى، فلم يدخلوا فيه إلا كرها من تحت السيف، كمسلمة الفتح الذين قيل لهم:

«الطلقاء» [1].

و عدمت طوائف من الناس هذا الاستعداد جملة فشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى و عاندوا الحق بعد ما وضح، و صدّوا عن سبيل اللَّه من آمن به، و بذلوا جهدهم في إطفاء نور اللَّه- رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)- حتى ماتوا و هم كافرون من أجل أنه لم يكن فيهم من الاستعداد المهي‌ء لقبول الهدى شي‌ء، قلّ و لا جلّ، بل كانوا في ورود الهدى عليهم بمنزلة الأرض الخبيثة التي أحاطت ماء الغيث العذب الطهور إلى السباخ الردي‌ء، و بمنزلة من به آفة في معدته من خلط ردي‌ء، [فأحالت‌] [2] أطيب المآكل و أنفعها سما مهلكا و داء عياء.

و انظر- رحمك اللَّه- إلى الآية الواحدة من كتاب اللَّه تعالى فإنّها ترد على الأسماع، فواحد يفهم أمرا واحدا، و آخر لا يفهم منها ذلك الأمر بل يفهم أمرا آخر، و آخر يفهم منها أمورا كثيرة، و لهذا يستشهد كل واحد من الناظرين فيها بها، فالآية واحدة العين، و السامعون لها مختلفون في القبول، و ذلك لاختلاف استعداد أفهامهم فيها.

و اوع سمعك أمثالا أفصّلها مما قد ألفته من المحسوسات: منها أن الشمس تبسط أنوارها على الموجودات كلها فتقبل المحال ذلك النور على قدر الاستعداد، فالجسم‌


[1] إشارة إلى‌

قوله (صلى اللَّه عليه و سلم) يوم الفتح: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

[2] زيادة للسياق.

نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين    جلد : 3  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست