نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 14 صفحه : 520
الجراح، و سعد بن أبي وقاص، و أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي اللَّه تبارك و تعالى عنهم، في رجال من المهاجرين و الأنصار عدة: قتادة ابن النعمان، و سلمه بن أسلم بن حريش، فقال رجال من المهاجرين، و كان أشدهم في ذلك قولا عياش بن أبي ربيعة: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين؟ فكثرت المقالة في ذلك فسمع عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك و تعالى عنه- بعض ذلك القول، فردّه على من تكلّم به، و جاء إلي رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فأخبره بقول من قال، فغضب رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) غضبا شديا، و خرج قد عصب على رأسه عصابة، و عليه قطيفة، ثم صعد المنبر فحمد اللَّه تعالى و أثنى عليه ثم قال: أما بعد، يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة و لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، و أيم اللَّه إن كان للإمارة لخليقا و إن ابنه من بعده لخليق للإمارة، و إن كان لمن أحبّ الناس إليّ، و إن هذا لمن أحب الناس إليّ و إنهما لمخيلان لكل خير [1] فاستوصوا به خيرا فإنه لمن خياركم.
ثم نزل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فدخل بيته، و ذلك يوم السبت لعشر ليال خلون من ربيع الأول، و جاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامه يودعون رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فيهم عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك و تعالى عنه- و رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) يقول:
أنفذوا بعث أسامة! و دخلت أم أيمن فقالت: أي رسول اللَّه! لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل، فإن أسامة إن خرج علي حالته هذه لم ينتفع بنفسه.
فقال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم): أنفذوا بعث أسامه، فمضى الناس إلي المعسكر فباتوا ليلة الأحد، و نزل أسامة يوم الأحد، و رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) ثقيل مغمور، و هو اليوم الّذي لدوه [2] فيه فدخل على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و عيناه تهملان، و عنده العباس و النساء حوله فطأطأ عليه أسامة- رضي اللَّه تبارك و تعالى عنه- فقبّله، و رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) لا يتكلم فجعل يرفع يده إلي السماء ثم يصبها على أسامة قال: فأعرف أنه كان يدعو لي.