نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 14 صفحه : 316
قوله، و يسمون هذا الفصل النسيء، لأنهم كانوا ينسئون أول السنة في كل سنتين أو ثلاث أشهر علي حسب ما يستحقه التقدم، و كان النسيء الأول للمحرم، فيسمى صفر باسمه، و يسمي ربيع الأول باسم صفر، ثم قالوا: بين أسماء الشهور، و كان النسيء الثاني لصفر، فسمي الشهر الّذي يتلوه بصفر أيضا، و كذلك حتى دار النسيء في الشهور الاثني عشر، و عاد إلى المحرم، فعادوا بها فعلهم الأول، و كانوا يعدون إذا رأوا النسيء و يحدّون بها الأزمنة فيقولون قد دارت السنون من لدن زمان كذا إلى زمان كذا و كذا دورة، فإن ظهر لهم مع ذلك تقدم شهر عن فصل من الفصول الأربعة، لما يجتمع من كسور سنة الشمس، و بقية فصل ما بينهما و بين سنة القمر الّذي ألحقوه بها، كبسوه كبيسا زائدا، فلما هاجر النبي (صلّى اللَّه عليه و سلّم) كانت نوبة النسيء بلغت شعبان فسمي محرّما، و سمي رمضان صفرا فانتظر (صلّى اللَّه عليه و سلّم) حتى دار النسيء و عادت الشهور، فبعث أبا بكر- الصديق رضي اللَّه تبارك و تعالى عنه- علي الحج في سنة تسع من الهجرة، و قد وافق الحج في ذي العقدة، فلما كانت سنة عشر، عادت الشهور إلى مواضعها الحقيقية،
فحج رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) حينئذ حجة الوداع و قال: ألا إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق اللَّه السموات و الأرض،
يعني أن الشهور قد عادت إلي مواضعها، و زال عنه فعل العرب الّذي أحدثوه من النسيء، و أنزل اللَّه عليه تحريم النبي فقال سبحانه و تعالي إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ[1] الآية.
و يقال: إن القلمّس- و هو سدم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة- قال: أري شهور الأهلة ثلاثمائة يوم و خمسة و ستين يوما، فبيننا و بينهم أحد عشر يوما ففي كل ثلاث سنين شهر، فهذا نسيء، و النسيء المؤخر، فكان إذا جاءت ثلاث سنين قدم الحجّ في ذي القعدة، فإذا جاءت ثلاث سنين أخّرها في المحرم و كان الناسئ من بني ثعلبة بن مالك بن كنانة يقوم على باب الكعبة فيقول: إن إلهتكم العزّي قد أنسأت صفر الأول، و كان يحله عاما و يحرمه عاما.
و عن طاوس أنه قال: شهر اللَّه الّذي انتزعه من الشيطان المحرم، قال الزبير ابن بكار: و تفسيره أن أهل الجاهلية كانوا يقولون صفر، و كانوا يحلون صفر عاما، و يحرمونه عاما، فجعل اللَّه تعالى المحرم