[ ()] هيثم بن بشير الواسطي، أحد الأئمة، متفق على توثيقه، إلا أنه كان مشهورا بالتدليس و روايته عن الزهري خاصة لينة عندهم، فأما التدليس، فقد ذكر جماعة من الحفاظ أن البخاري كان لا يخرّج عنه إلا ما صرّح فيه بالتحديث، و اعتبرت أنا هذا في حديثه، فوجدته كذلك، إما أن يكون قد صرّح به في نفس الإسناد، أو صرّح به من وجه آخر، و أما روايته عن الزهريّ فليس في الصحيحين منها شيء، و احتجّ به الأئمة كلهم. و اللَّه أعلم. (هدي الساري): 626. هشيم، حجة يدلّس، و هو لين في روايته عن الزهري. (المغني في الضعفاء): 2/ 712، ت 6765.
[1] هو عباس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن حييّ بن الحارث ابن بهثة بن سليم السّلمي، يكنى أبا الفضل، و قيل أبا الهيثم. أسلم قبل فتح مكة بيسير، و كان مرداس أبوه شريكا و مصافيا لحرب بني أمية، و يزعم بعض أهل الأخبار أن الجن قتلتهما جميعا، و ذكروا أن ثلاثة نفر ذهبوا على وجوههم، فهاموا و لم يوجدوا، و لم يسمع لهم بأثر: طالب بن أبي طالب، و سنان ابن حارثة، و مرداس بن أبي عامر، أبو عباس بن مرداس.
و كان عباس بن مرداس من المؤلفة قلوبهم و ممن حسن إسلامهم، و لما أعطى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) المؤلفة قلوبهم من سبي حنين «الأقرع بن حابس و عيينة بن حصن» مائة مائة من الإبل، و نقص طائفة من المائة، منهم عباس بن مرداس، جعل عباس بن مرداس يقول، إذا لم يبلغ به من العطاء ما بلغ به من العطاء ما بلغ بالأقرع بن حابس و عيينة بن حصن:
أ تجعل نهبي و نهب العبيد* * * بين عيينة و الأقرع
فما كان حصن و لا حابس* * * يفوقان مرداس في مجمع
و ما كنت دون امرئ منهما* * * و من تضع اليوم لا يرفع
و قد كنت في القوم ذا تدرأ* * * فلم أعط شيئا و لم أمنع
فصالا أفائل أعطيتها* * * عديد قوائمها الأربع
و كانت نهابا تلافيتها* * * بكرّي على المهر في الأجرع
و إيقاظي القوم أن يرقدوا* * * إذا هجع الناس لم أهجع
فقال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): اذهبوا فاقطعوا عني لسانه، فأعطوه حتى رضي،
و كان شاعرا محسنا مشهورا، و له في يوم حنين أشعار حسان، و هو القائل:
يا خاتم النّباء إنك مرسل* * * بالحق كل هدى السبيل هداكا
إن الإله بني عليك محبة* * * في خلقه، و محمدا سمّاكا
و كان عباس بن مرداس ممن حرّم الخمر في الجاهلية. و كان ممن حرّم الخمر في الجاهلية أيضا: أبو بكر الصديق، و عثمان بن مظعون، و عثمان بن عفان، و عبد الرحمن بن عوف، و قيس بن عاصم، و حرمها قبل هؤلاء: عبد المطلب بن هاشم، و عبد اللَّه بن جدعان، و شيبة بن ربيعة، و ورقة بن نوفل، و الوليد ابن المغيرة، و عامر بن الظرب، و يقال: هو أول من حرّمها في الجاهلية على نفسه، و يقال: بل عفيف ابن معديكرب العبديّ، كان عباس بن مرداس ينزل بالبادية بناحية البصرة، روي عنه ابنه كنانة ابن عباس.