و أقبل المشركون: على ميمنتهم خالد بن الوليد، و على ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل، و لهم مجنّبتان مائتا فارس، و على الخيل صفوان بن أمية، و يقال: عمرو ابن العاص، و على رماتهم- و كانوا مائة- عبد اللَّه بن أبي [2] ربيعة. و دفعوا لواءهم إلى طلحة بن أبي طلحة: و اسمه عبد اللَّه بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار ابن قصيّ.
تسوية صفوف المسلمين
و مشى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) على رجليه يسوي الصفوف حتى كأنما يقوّم بها القداح، إن رأى صدرا خارجا قال: تأخر.
فلما استوت دفع اللواء إلى مصعب ابن عمير فتقدم به بين يدي النبي (صلى اللَّه عليه و سلم).
خطبة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يوم أحد
ثم قام فخطب الناس فقال: يا أيها الناس: أوصيكم بما أوصاني اللَّه في كتابه من العمل بطاعته و التناهي عن محارمه. ثم إنكم بمنزل أجر و ذخر لمن ذكر الّذي عليه ثم وطّن نفسه له على الصبر و اليقين و الجدّ و النشاط، فإن جهاد العدو شديد كريه [3]، قليل من يصبر عليه إلا من عزم اللَّه له رشده، فإن اللَّه مع من أطاعه، و إن الشيطان مع من عصاه، فافتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد، و التمسوا بذلك ما وعدكم اللَّه. و عليكم بالذي أمركم به، فإنّي حريص على رشدكم، و إن الاختلاف و التنازع و التثبط من أمر العجز و الضعف مما لا يحب اللَّه و لا يعطي عليه النصر و لا الظفر. يا أيها الناس: حدد في صدري [4] أن من كان على حرام فرّق اللَّه بينه و بينه و رغب له عنه غفر اللَّه له ذنبه، و من صلى عليّ صلى اللَّه عليه و ملائكته عشرا،
[1] لعله المنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة، ذكره صاحب (الإصابة) ترجمة رقم 8219 ج 9 ص 285، و لم أجده في ما عندي من كتب السيرة أو الرجال باسم «الغنوي».
[2] في (خ) «ابن ربيعة» و التصويب من (المغازي) ج 1 ص 220.