نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 594
الضنين، فإن من يجهل ما يجب للنبى- صلى اللّه عليه و سلم-، أو يجوز أو يستحيل عليه، و لا يعرف صور أحكامه لا يأمن أن يعتقد فى بعضها خلاف ما [هى] عليه، و لا ينزهه عما لا يجوز أن يضاف إليه، فيهلك من حيث لا يدرى، و يسقط فى هوة الدرك الأسفل من النار، إذ ظن الباطل به و اعتقاد ما لا يجوز عليه يحل صاحبه دار البوار.
و قد استدل بعض الأئمة على عصمتهم من الصغائر، بالمصير إلى امتثال أفعالهم و اتباع آثارهم و سيرتهم مطلقا. و جمهور الفقهاء على ذلك من أصحاب مالك و الشافعى و أبى حنيفة فى غير التزام قرينة بل مطلقا عند بعضهم، و إن اختلفوا فى حكم ذلك، فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يكن الاقتداء بهم فى أفعالهم، إذ ليس كل فعل من أفعاله يتميز مقصده من القربة و الإباحة و الخطر و المعصية. انتهى.
[وجوه تفسير آية وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى]
و اختلف فى تفسير هذه الآية على وجوه كثيرة:
أحدها: وجدك ضالا عن معالم النبوة.
و هو مروى عن ابن عباس و الحسن و الضحاك و شهر بن حوشب، و يؤيده قوله تعالى ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ[1] أى ما كنت تدرى قبل الوحى أن تقرأ القرآن، و لا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان، قاله السمرقندى، و قال بكر القاضى: و لا الإيمان الذي هو الفرائض و الأحكام، فقد كان- صلى اللّه عليه و سلم- قبل مؤمنا بتوحيده، ثم نزلت الفرائض التي لم يكن يدريها قبل، فازداد بالتكاليف إيمانا، و سيأتى آخر هذا النوع مزيد لذلك- إن شاء اللّه تعالى-.
الثانى: من معنى قوله: (ضالا)
ما روى مرفوعا مما ذكره الإمام فخر الدين: أنه- صلى اللّه عليه و سلم- قال: «ضللت عن جدى عبد المطلب و أنا صبى حتى كاد الجوع يقتلنى فهدانى اللّه» [2].
الثالث: يقال: ضل الماء فى اللبن إذا صار مغمورا، فمعنى الآية:
كنت مغمورا بين الكفار بمكة فقواك اللّه حتى أظهرت دينه.