نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 587
تعالى: كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ[1] لأنه للعموم، فلا ينبغى أن يجهر المؤمن للنبى- صلى اللّه عليه و سلم- كما يجهر العبد للسيد، و إلا كان قد جهر له كما يجهر بعضكم لبعض.
قال: و يؤيد ما ذكرناه قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ[2]، و السيد ليس أولى عند عبده من نفسه، حتى لو كانا فى مخمصة و وجد العبد ما لو لم يأكله لمات لا يجب عليه بذله لسيده، و يجب البذل للنبى- صلى اللّه عليه و سلم-، و لو علم العبد أن بموته ينجو سيده لا يلزمه أن يلقى نفسه فى التهلكة لإنجاء سيده، و يجب لإنجاء النبيّ- صلى اللّه عليه و سلم-، فكما أن العضو الرئيس أول بالرعاية من غيره، لأن عند خلل القلب مثلا لا يبقى لليدين و الرجلين استقامة، فلو حفظ الإنسان نفسه و ترك النبيّ- صلى اللّه عليه و سلم- لهلك هو أيضا بخلاف العبد و السيد. انتهى. و إذا كان رفع الأصوات فوق صوته موجبا لحبوط الأعمال فما الظن برفع الآراء و نتائج الأفكار على سنته و ما جاء به.
و اعلم أن فى الرفع و الجهر استخفافا قد يؤدى إلى الكفر المحبط، و ذلك إذا انضم إليه قصد الإهانة و عدم المبالاة. و روى أن أبا بكر- رضى اللّه عنه-، لما نزلت هذه الآية قال: و اللّه يا رسول اللّه لا أكلمك إلا كأخى السرار، و أن عمر- رضى اللّه عنه- كان إذا حدثه حدّثه كأخى السرار ما كان يسمع النبيّ- صلى اللّه عليه و سلم- بعد هذه الآية حتى يستفهمه [3].
و قد روى أن أبا جعفر أمير المؤمنين ناظر مالكا فى مسجد رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم- فقال له مالك: يا أمير المؤمنين، لا ترفع صوتك فى هذا المسجد، فإن اللّه عز و جل أدب قوما فقال: لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ[4] و مدح قوما فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ[5]، و ذم قوما فقال: إِنَ