نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 582
هذه الآية يجب أن يكون شيئا أعظم من ذلك، و هو الحث على الطاعة و الترغيب فيها، فإنا نعلم أن خصوص السبب لا يقدح فى عموم اللفظ، فهذه الآية عامة فى حق جميع المكلفين، و هو أن كل من أطاع اللّه و أطاع الرسول فقد فاز بالدرجات العالية و المراتب الشريفة عنده تعالى.
ثم إن ظاهر قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ[1] أنه يكفى الاكتفاء بالطاعة الواحدة، لأن اللفظ الدال على الصفة يكفى فى جانب الثبوت حصول ذلك المسمى مرة واحدة، لكن لا بد أن يحمل على غير ظاهره، و أن تحمل الطاعة على فعل جميع المأمورات و ترك جميع المنهيات، إذ لو حملناه على الطاعة الواحدة لدخل فيه الفساق و الكفار، لأنهم قد يأتون بالطاعة الواحدة.
قال الرازى: قد ثبت فى أصول الفقه أن الحكم المذكور عقب الصفة مشعر بكون ذلك الحكم معللا بذلك الوصف، و إذا ثبت هذا فنقول: قوله:
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ[2] أى فى كونه إلها، و طاعة اللّه فى كونه إلها هى معرفته و الإقرار بجلالته و عزته و كبريائه و صمديته، فصارت هذه تنبيها على أمرين عظيمين من أحوال المعاد:
فالأول: أن منشأ جميع السعادات يوم القيامة إشراف الروح بأنوار معرفة اللّه، فكل من كانت هذه الأنوار فى قلبه أكثر، و صفاؤها أقوى كان إلى السعادة أقرب، و إلى الفوز بالنجاة أوصل.
و الثانى: أن اللّه تعالى ذكر فى الآية السابقة وعد أهل الطاعة بالأجر العظيم و الثواب الجزيل، ثم ذكر فى هذه الآية وعدهم بكونهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين. و ليس المراد بكون من أطاع اللّه و أطاع الرسول مع النبيين و الصديقين كون الكل فى درجة واحدة، لأن هذا يقتضى التسوية فى الدرجة بين الفاضل و المفضول، و ذلك لا يجوز، فالمراد كونهم فى