نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 527
- صلى اللّه عليه و سلم- فناداه بالوصف الشريف من الإنباء و الإرسال فقال: (يا أيها الرسول) (يا أيها النبيّ). و للّه در القائل:
فدعا جميع الرسل كلا باسمه * * * و دعاك وحدك بالرسول و بالنبى
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: و لا يخفى على أحد أن السيد إذا دعا عبيده بأفضل ما أوجد لهم من الأوصاف العلية و الأخلاق السنية و دعا الآخرين بأسمائهم الأعلام التي لا تشعر بوصف من الأوصاف، و لا بخلق من الأخلاق، أن منزلة من دعاه بأفضل الأسماء و الأوصاف أعز عليه و أقرب إليه ممن دعاه باسمه العلم، و هذا معلوم بالعرف: أن من دعى بأفضل أوصافه و أخلاقه كان ذلك مبالغة فى تعظيمه و احترامه. انتهى.
و انظر ما فى نحو قوله تعالى: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[1] من ذكر «الرب» تعالى و إضافته إليه- صلى اللّه عليه و سلم-، و ما فى ذلك من التنبيه على شرفه و اختصاصه بخطابه، و ما فى ذلك من الإشارة اللطيفة، و هى أن المقبل عليه بالخطاب، له الحظ الأعظم، و القسم الأوفر من الجملة المخبر بها إذ هو فى الحقيقة أعظم خلفائه. أ لا ترى إلى عموم رسالته و دعائه، و جعله أفضل أنبيائه، أمّ بهم ليلة إسرائه، و جعل آدم فمن دونه يوم القيامة تحت لوائه، فهو المقدم فى أرضه و سمائه، و فى دار تكليفه و جزائه.
و بالجملة: فقد تضمن الكتاب العزيز من التصريح بجليل رتبته، و تعظيم قدره، و علو منصبه، و رفعة ذكره ما يقضى بأنه استولى على أقصى درجات التكريم و يكفى إخباره تعالى بالعفو عنه و ملاطفته قبل ذكر العتاب فى قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ[2]. و تقديم ذكره على الأنبياء تعظيما له، مع تأخره عنهم فى الزمان فى قوله تعالى: وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ[3] و إخباره بتمنى أهل النار طاعته فى قوله تعالى:
يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا[4]، و هذا بحر لا ينفد و قطر لا يعد.