نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 525
الدميرى و الزركشى، أنه لا أصل له. نعم روى أبو نعيم فى فضل العالم العفيف بسند ضعيف عن ابن عباس رفعه: أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم و الجهاد. و قيل: الكوثر كثرة الأتباع و الأشياع.
و عن بعضهم: المراد بالكوثر العلم، و حمله عليه أولى لوجوه: أحدها أن العلم هو الخير الكثير، و الثانى: إما أن يحمل الكوثر على نعم الآخرة أو على نعم الدنيا، قال: و الأول غير جائز لأنه قال: إن أعطيناك الكوثر، و الجنة سيعطيها لا أنه أعطاها، فوجب حمل الكوثر على ما وصل إليه فى الدنيا، و أشرف الأمور الواصلة إليه فى الدنيا هو العلم و النبوة، فوجب حمل اللفظ على العلم، و الثالث: أنه لما قال إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ[1] قال عقبه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ[2] و الشيء الذي يتقدم على العبادة هو المعرفة، و لأن «الفاء» فى قوله (فصل) للتعقيب، و معلوم أن الموجب للعبادة ليس إلا العلم.
و قيل الكوثر الخلق الحسن كما فى حديث: ذهب حسن الخلق بخير الدنيا و الآخرة [3]. رواه الطبرانى. و عن ابن عباس: جميع نعم اللّه على نبيه- صلى اللّه عليه و سلم-.
و بالجملة: فليس حمل الآية على بعض هذه النعم أولى من حملها على الباقى، فوجب حملها على الكل، و لذا روى أن سعيد بن جبير لما روى هذا القول عن ابن عباس قال له بعضهم: إن ناسا يزعمون أنه نهر فى الجنة، فقال سعيد: النهر الذي فى الجنة من الخير الذي أعطاه اللّه إياه.
قال الإمام فخر الدين بن الخطيب: قال بعض العلماء: ظاهر قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ[4] يقتضى أنه تعالى قد أعطاه ذلك الكوثر فيجب أن يكون الأقرب حمله على ما آتاه اللّه من النبوة و القرآن و الذكر
[3] ذكره الهيثمى فى «المجمع» (8/ 24) و (10/ 418) و عن أم سلمة و قال: رواه الطبرانى فى الأوسط و الكبير بنحوه، و فى إسنادهما سليمان بن أبى كريمة، و هو ضعيف.