نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 381
عنه و دوّن أن الإثم غير منفك عنه بل هو لاحق له أبدا، فإن من سن سنة سيئة عليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة، و التوبة حينئذ متعذرة ظاهرا و إن وجد مجرد اسمها.
و منها أنه معصوم من الذنوب كبيرها و صغيرها
، عمدها و سهوها و كذلك الأنبياء.
و منها أنه لا يجوز عليه الجنون
لأنه نقص، و لا الإغماء الطويل الزمن، فيما ذكره الشيخ أبو حامد فى تعليقه، و جزم به البلقينى فى حواشى الروضة، و كذلك الأنبياء. و نبه السبكى على أن إغماءهم يخالف إغماء غيرهم، و إنما هو غلبة الأوجاع للحواس الظاهرة دون القلب، لأنه قد ورد أنه إنما تنام أعينهم دون قلوبهم، فإذا حفظت قلوبهم و عصمت من النوم الذي هو أخف من الإغماء، فمن الإغماء بطريق الأولى. قال السبكى: و لا يجوز عليهم العمى، لأنه نقص، و لم يعم نبى قط. و أما ما ذكر عن شعيب أنه كان ضريرا فلم يثبت، و أما يعقوب فحصلت له غشاوة و زالت، انتهى.
قال الرازى: فى قوله تعالى وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ[1] لما قال: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ[2] غلبه البكاء، و عند غلبة البكاء يكثر الماء فى العين، فتصير العين كأنها ابيضت من بياض ذلك الماء، و قوله:
وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ[3] كأنه من غلبة البكاء، و الدليل على صحة هذا القول: أن تأثير الحزن فى غلبة البكاء لا فى حصول العمى، فلما حملنا الابيضاض على غلبة البكاء كان هذا التعليل حسنا، و لو حملناه على العمى لم يحسن هذا التعليل، فكان ما ذكرناه أولى.
ثم قال: و اختلفوا، فقال بعضهم: إنه كان قد عمى بالكلية، فاللّه تعالى جعله بصيرا فى هذا الوقت، و قال آخرون: بل كان قد ضعف بصره من كثرة البكاء و الأحزان بحيث صار يدرك إدراكا ضعيفا، فلما ألقوا القميص على