نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني جلد : 2 صفحه : 238
و ذهب ما فيها من الماء. فمتى اختل شرط من هذه لم تكن معجزة. و لا يقال: قضية ما قلتم: إن ما توفرت فيه الشروط الأربعة من المعجزات لا يظهر إلا على أيدى الصادقين، و ليس كذلك، لأن المسيح الدجال يظهر على يديه من الآيات العظام ما هو مشهور، كما وردت به الأخبار الصحيحة، لأن ما ذكر فيمن يدعى الرسالة و هذا فيمن يدعى الربوبية.
و قد قام الدليل العقلى على أن بعثة بعض الخلق غير مستحيلة، فلم يبعد أن يقيم اللّه الأدلة على صدق مخلوق أتى عنه بالشرع و الملة، و دلت القواطع على كذب المسيح الدجال فيما يدعيه للتغير من حال إلى حال، و غير ذلك من الأوصاف التي تليق بالمحدثات و يتعالى عنها رب البرياتلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[1].
فإن قلت أى الاسمين أحق و أولى بما أتت به الأنبياء، هل لفظ «المعجزة» أو لفظ «الآية» أو «الدليل»؟.
فالجواب: إن كبار الأئمة يسمون معجزات الأنبياء: دلائل النبوة، و آيات النبوة، و لم يرد أيضا فى القرآن لفظ «المعجزة» بل و لا فى السنة أيضا، و إنما فيهما لفظ «الآية» و «البينة» و «البرهان». كما فى قصة موسىفَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ[2]، فى العصا و اليد، و فى حق نبينا- صلى اللّه عليه و سلم-قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ[3]. و أما لفظ الآيات فكثير. بل هو أكثر من أن نسرده هنا، كقوله تعالى:وَ إِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ[4]وإِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ[5]. و أما لفظ المعجز إذ أطلق فإنه لا يدل على كون ذلك آية إلا إذا فسر المراد به، و ذكرت شرائطه، و قد كان كثير من أهل الكلام لا يسمى معجزا إلا ما كان للأنبياء