قال حاطب: و ذكرت قوله للنبي (صلى اللّه عليه و سلم)، فقال: «ضنّ الخبيث بملكه، و لا بقاء لملكه».
و من ثم ذكر بعضهم أن هرقل لما علم ميل المقوقس إلى الإسلام عزله، و يخالفه قول بعضهم: و بعث أبو بكر رضي اللّه عنه حاطبا هذا إلى المقوقس بمصر فصالح القبط، إلا أن يقال: يجوز أن يكون المقوقس عاد لولايته بعد عزله.
و ذكر بعضهم أن باني الإسكندرية لما أراد بناءها قال: أبني مدينة فقيرة إلى اللّه غنية عن الناس فدامت، و بنى أخوه مدينة قال عند إرادة بنائها: أبني مدينة فقيرة إلى الناس غنية عن اللّه، فسلط اللّه عليها الخراب في أسرع وقت.
و لما فتح عمرو بن العاص رضي اللّه عنه مصر وقف على بعض ما بقي من آثار تلك المدينة فسأل عن ذلك، فأخبر بهذا الخبر.
ذكر كتابه (صلى اللّه عليه و سلم) للمنذر بن ساوي العبدي بالبحرين على يد العلاء بن الحضرمي
بعث رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي، و بعث معه كتابا فيه: «بسم اللّه الرحمن الرحيم، من محمد رسول اللّه إلى المنذر بن ساوي، سلام عليك، فإني أحمد اللّه إليك الذي لا إله إلا هو، و أشهد أن لا إله إلا اللّه و أن محمدا عبده و رسوله. أما بعد: فإني أذكرك اللّه عز و جل، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، و إنه من يطع رسلي و يتبع أمرهم فقد أطاعني، و من نصح لهم فقد نصح لي، و إن رسلي قد أثنوا عليك خيرا، و إني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، و عفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم، و إنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، و من أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية» أي و هذا جواب كتاب أرسله المنذر جوابا لكتاب أرسله له (صلى اللّه عليه و سلم) قبل ذلك يدعوه إلى الإسلام، فأسلم و حسن إسلامه.
أقول: و لم أقف على ذلك الكتاب و لا على حامله. و الظاهر أنه العلاء المذكور، فقد ذكر السهيلي (رحمه اللّه) أن العلاء قدم على المنذر بن ساوي، فقال له:
يا منذر إنك عظيم العقل في الدنيا فلا تصغرنّ عن الآخرة، إن هذه المجوسية شر دين، ينكح فيها ما يستحيا من نكاحه، و يأكلون ما يتكره من أكله، و تعبدون في الدنيا نارا تأكلكم يوم القيامة، و لست بعديم عقل و لا رأي، فانظر هل ينبغي لمن لا يكذب في الدنيا أن لا نصدقه، و لمن لا يخون أن لا نأتمنه، و لمن لا يخلف أن لا نثق به، فإن كان هذا هكذا فهذا هو النبيّ الأمي الذي و اللّه لا يستطيع ذو عقل أن