و أما هبار بن الأسود فهو الذي كان قد عرض لزينب بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) حين هاجرت، فنخس بها حتى سقطت على صخرة و أسقطت جنينها، ففر هبار يوم مكة، ثم أسلم و حسن إسلامه.
و أما القينتان فقتلت إحداهما، و استؤمن للأخرى، فأسلمت، كما استؤمن لسارة و أسلمت.
قال ابن حجر: و ذكر أبو معشر فيمن أهدر دمه الحارث بن طلاطل الخزاعي، فقتله علي، و ذكر الحاكم أيضا ممن أهدر دمه كعب بن زهير، و قصته مشهورة و قد جاء بعد ذلك، و قد أسلمت، و أرنب مولاة ابن خطل أيضا قتلت، و أم سعد، قتلت فيما ذكر ابن إسحاق، فكملت العدة ثمانية رجال و ست نسوة، و يحتمل أن تكون أرنب و أم سعد القينتان، اختلف في اسمهما، أو باعتبار الكنية و اللقب [1].
إسلام صفوان بن أمية، و فضالة بن عمير
لم يكن صفوان ممن أهدر دمه، لكنه بصفته زعيما كبيرا من زعماء قريش خاف على نفسه و فر، فاستأمن له عمير بن وهب الجمحي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فأمنه، و أعطاه عمامته التي دخل بها مكة، فلحقه عمير و هو يريد أن يركب البحر من جدة إلى اليمن فرده، فقال لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): اجعلني بالخيار شهرين. قال: أنت بالخيار أربعة أشهر. ثم أسلم صفوان، و قد كانت امرأته أسلمت قبله، فأقرهما على النكاح الأول.
و كان فضالة رجلا جريئا جاء إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و هو في الطواف، ليقتله فأخبره الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) بما في نفسه فأسلم.
خطبة الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) في اليوم الثاني من الفتح
و لما كان الغد من يوم الفتح قام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في الناس خطيبا، فحمد اللّه، و أثنى عليه، و مجده بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، إن اللّه حرم مكة يوم خلق السموات الأرض، فهي حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرئ يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يسفك فيها دما، أو يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فقولوا: إن اللّه أذن لرسوله و لم يأذن لكم، و إنما حلت لي ساعة من نهار، و قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب.