أعلم أنه حق لاتبعته، فقال أبو سفيان: أما و اللّه لا أقول شيئا، لو تكلمات لأخبرت عني هذه الحصباء، فخرج عليهم النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) فقال لهم: «قد علمت الذي قلتم، ثم ذكر ذلك لهم» فقال الحارث و عتاب: نشهد أنك رسول اللّه، و اللّه ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول:
أخبرك.
صلاة الفتح أو صلاة الشكر
و دخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يومئذ دار أم هانئ بنت أبي طالب، فاغتسل و صلى ثماني ركعات في بيتها، و كان ضحى، فظنها من ظنها صلاة الضحى و إنما هذه صلاة الفتح، و أجارت أم هانئ حموين لها، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم). قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ، و قد كان أخوها علي بن أبي طالب أراد أن يقتلهما، فأغلقت عليهما باب بيتها، و سألت النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم)، فقال لها ذلك.
إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين
و أهدر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يومئذ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين، و أمر بقتلهم و إن وجدوا تحت أستار الكعبة، و هم عبد العزى بن خطل، و عبد اللّه بن أبي سرح، و عكرمة بن أبي جهل، و الحارث بن نفيل بن وهب و مقيس بن صبابة، و هبار بن الأسود، و قينتان كانتا لابن خطل، كانتا تغنيان بهجو النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم)، و سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب، و هي التي وجد معها كتاب حاطب.
فأما ابن أبي سرح، فجاء به عثمان إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم)، و شفع فيه فحقن دمه، و قبل إسلامه بعد أن أمسك عنه، رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله، و كان قد أسلم قبل ذلك و هاجر، ثم ارتد و رجع إلى مكة.
و أما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن، فاستأمنت له امرأته، فأمنه النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) فتبعته فرجع معها و أسلم، و حسن إسلامه.
و أما ابن خطل فكان متعلقا بأستار الكعبة، فجاء رجل إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) و أخبره فقال:
«اقتله» فقتله.
و أما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد اللّه، و كان مقيس قد أسلم قبل ذلك، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، ثم ارتد و لحق بالمشركين.
و أما الحارث فكان شديد الأذى لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بمكة، فقتله علي.