زمن معاوية [1]، و اتخذ النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) مارية سرية له، و هي التي ولدت له إبراهيم. و أما سيرين فأعطاها لحسان بن ثابت الأنصاري.
3- الكتاب إلى كسرى ملك فارس
و كتب النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى كسرى مالك فارس: «بسم اللّه الرحمن الرحيم» من محمد رسول اللّه إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، و آمن باللّه و رسوله، و شهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، و أدعوك بدعاية اللّه، فإني أنا رسول اللّه إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا و يحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك [2].
و اختار لحمل هذا الكتاب عبد اللّه بن حذافة السهمي، فدفعه السهمي إلى عظيم البحرين، و لا ندري هل بعث عظيم البحرين رجلا من رجالاته، أم بعث عبد اللّه السهمي، و أيا ما كان فلما قرئ الكتاب على كسرى مزقه، و قال في غطرسة: عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي، و لما بلغ ذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قال: مزق اللّه ملكه، و قد كان كما قال:
فقد كتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن: ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين عندك جلدين، فليأتياني به. فاختار باذان رجلين ممن عنده، و بعثهما بكتاب إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يأمره أن ينصرف معه إلى كسرى، فلما قدما المدينة، و قابلا النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) قال أحدهما: إن شاهنشاه (ملك الملوك) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، و بعثني إليك لتنطلق معي، و قال قولا تهديديا، فأمرهما النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) أن يلاقياه غدا.
و في ذلك الوقت كانت قد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، و أخذ الملك لنفسه، و كان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع، و علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) الخبر من الوحي، فلما غدوا عليه أخبرهما بذلك: فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر، أ فنكتب هذا عنك، و نخبره الملك. قال: نعم أخبراه ذلك عني، و قولا له: إن ديني و سلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى! و ينتهي إلى منتهى الخف و الحافر. و قولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، و ملكتك على قومك من الأبناء،