، و هي طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة، و كان قصي فرض على قريش خرجا تخرجه في الموسم من أموالها إلى قصي، فيضع به طعاما للحاج، يأكله من لم يكن له سعة و لا زاد [1].
و كان كل ذلك لقصي، و كان ابنه عبد مناف قد شرف و ساد في حياته، و كان عبد الدار بكرة، فقال له قصي: لألحقنك بالقوم و إن شرفوا عليك، فأوصى له بما كان يليه من مصالح قريش، فأعطاه دار الندوة و الحجابة و اللواء و السقاية و الرفادة، و كان قصي لا يخالف و لا يرد عليه شيء صنعه، و كان أمره في حياته و بعد موته كالدين المتبع، فلما هلك أقام بنوه أمر لا نزاع بينهم، و لكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه بني عمهم عبد الدار في هذه المناصب، و افترقت قريش فرقتين، و كاد يكون بينهم قتال، إلا أنهم تداعوا إلى الصلح، و اقتسموا هذه المناصب، فصارت السقاية و الرفادة إلى بني عبد مناف، و بقيت دار الندوة و اللواء و الحجابة بيد بني عبد الدار، ثم حكم بنو عبد مناف القرعة فيما أصابهم فخرجت لهاشم بن عبد مناف، فكان هو الذي يلي السقاية و الرفادة طول حياته، فلما مات خلفه أخوه المطلب بن عبد مناف، و ولي بعده عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف جد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و بعده أبناؤه حتى جاء الإسلام و الولاية إلى العباس بن عبد المطلب [2].
[مناصب أخرى لقريش]
و كانت لقريش مناصب سوى ذلك وزعوها فيما بينهم، و كونوا بها دويلة- بل بتعبير أصح: شبه دويلة ديمقراطية. و كانت لها من الدوائر و التشكيلات الحكومية ما يشبه في عصرنا هذا دوائر البرلمان و مجالسها، و هاك لوحة من تلك المناصب:
1- الإيسار:
أي تولية قداح الأصنام للاستقسام، كان ذلك في بني جمح.
2- تحجير الأموال
، أي نظم القربات و النذور التي تهدي إلى الأصنام، و كذلك فصل الخصومات و المرافعات. كان ذلك في بني سهم.