نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء نویسنده : أبو الربيع الحميري الكلاعي جلد : 1 صفحه : 491
«رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة» [1] ثم استلم الركن و خرج يهرول و يهرول أصحابه معه، حتى إذا واراه البيت منهم و استلم الركن اليمانى مشى حتى يستلم الركن الأسود، ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف و مشى سائرها فكان ابن عباس يقول: كان الناس يظنون أنها ليست عليهم و ذلك أن رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) إنما صنعها لهذا الحى من قريش الذي بلغه عنهم حتى حج حجة الوداع فلزمها فمضت السنة بها.
و لما دخل رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) مكة فى تلك العمرة و عبد الله بن رواحة يرتجز بين يديه:
خلوا بنى الكفار عن سبيله* * * خلوا فكل الخير فى رسوله
يا رب إنى مؤمن بقيله* * * أعرف حق الله فى قبوله
و كان رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) قد بعث بين يديه جعفر بن أبى طالب إلى ميمونة بنت الحارث ابن حزن الهلالية، فخطبها عليه فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب، و كانت تحته أختها أم الفضل بنت الحارث، و قيل: جعلت أمرها إلى أم الفضل، فجعلت أم الفضل أمرها إلى العباس فزوجها العباس رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) و أصدقها عنه أربعمائة درهم.
و قضى رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) نسكه، و أقام بمكة ثلاث ليال، و كان ذلك أجل القضية يوم الحديبية. فلما أصبح رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو و حويطب عبد العزى. [فى نفر من قريش] و رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) فى مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن بن عبادة فصاح حويطب: نناشدك الله و العقد إلا خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث.
فقال سعد: كذبت لا أم لك إنها ليست بأرضك و لا أرض أبيك و الله لا يخرج إلا راضيا، فقال رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) و ضحك: «يا سعد، لا تؤذ قوما زارونا فى رحالنا». ثم قال رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم): «و ما عليكم لو تركتمونى فأعرست بين أظهركم و صنعنا لكم طعاما فحضرتموه؟» [2] قالوا: لا حاجة لنا بطعامك فاخرج عنا.
فأمر رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) أبا رافع مولاه فأذن بالرحيل، و خلف أبا رافع على ميمونة حتى أتاه بها بسرف و قد لقيت و من معها عناء و أذى من سفهاء المشركين و صبيانهم، فبنى بها رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) بسرف ثم أدلج فسار حتى قدم المدينة. ثم كان من قضاء الله سبحانه أن ماتت ميمونة بسرف بعد ذلك بحين، فتوفيت حيث بنى بها.
قال موسى بن عقبة: و ذكر أن الله- تعالى- أنزل فى تلك العمرة: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ [البقرة: 194].
[1] انظر الحديث فى: صحيح مسلم (2/ 240، 923)، مسند الإمام أحمد (1/ 305، 306).