نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء نویسنده : أبو الربيع الحميري الكلاعي جلد : 1 صفحه : 184
لقد علم الأقوام أن سراتكم* * * على كل حال خير أهل الجباجب [1]
فقوموا فصلوا ربكم و تمسحوا* * * بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء و مصدق* * * غداة أبى يكسوم هادى الكتائب
كتيبته بالسهل تمسى و رجله* * * على القاذفات فى رءوس المناقب [2]
فلما أتاكم نصر ذى العرش ردهم* * * جنود إله بين ساف و حاصب
فولوا سراعا هاربين و لم يؤب* * * إلى قومه ملحبش غير عصائب
فإن تهلكوا نهلك و تهلك عصائب* * * يعاش بها قول امرئ غير كاذب
ثم إن قريشا اشتد أمرهم، للشقاء الذي أصابهم، فى عداوة رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) و من أسلم معه منهم، فأغروا برسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) سفهاءهم، فكذبوه و آذوه و رموه بالشعر و السحر و الكهانة و الجنون، رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) مظهر لأمر الله لا يستخفى به، مباد لهم بما يكرهون من عيب دينهم، و اعتزال أوثانهم، و فراقه إياهم على كفرهم.
فحدث عروة بن الزبير أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) فيما كانوا يظهرون من عداوته؟ قال: حضرتهم و قد اجتمع أشرافهم يوما فى الحجر، فذكروا رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط! سفه أحلامنا و شتم آباءنا و عاب ديننا و فرق جماعتنا و سب آلهتنا، لقد صبرنا معه على أمر عظيم. أو كما قالوا. فبينما هم فى ذلك طلع رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) فأقبل يمشى حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفا بالبيت، فلما مر بهم غمزوه ببعض القول.
قال: فعرفت ذلك فى وجه رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك فى وجه رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم)، ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فوقف ثم قال: «أ تسمعون يا معشر قريش؟! و الذي نفسى بيده لقد جئتكم بالذبح». قال:
فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع، حتى أن أشدهم وصاة فيه قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم، فو الله ما كنت جهولا. قال: فانصرف رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) حتى إذا كان الغد
[1] الجباجب: بالضم هو المستوى من الأرض و هى هنا أسماء منازل بمنى سميت به لأنه كروش الأضاحى تلقى فيها أيام الحج.
[2] القاذفات: أعالى الجبال، و قيل: هى كل ما أشرف من رءوس الجبال و أعاليها. المناقب: جمع منقبة، الطريق الضيق بين دارين أو جبلين لا يستطاع سلوكه.
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء نویسنده : أبو الربيع الحميري الكلاعي جلد : 1 صفحه : 184