responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 288
من دلالتهما عليها بأن يدعى أن تلك الدلالة بواسطة أمرين لا يعدلهما في قوة الدلالة ما يتوسط في دلالة الاسمين الجليلين عليها، وعلى هذا يكون ذو الرحمة أبلغ من كل واحد من الرحمن والرحيم وإن كانا معا أبلغ منه ولذا جيء بهما في البسملة دونه، ومن أنصف لم يشك في أن قولك فلان ذو العلم أبلغ من قولك فلان العليم من حيث إن الأول يفيد أنه صاحب ماهية العلم ومالكها ولا كذلك الأخيران، وحينئذ يكون التفاوت بين الخبرين في الآية بأبلغية الثاني ووجه ذلك ظاهر فإن الرحمة أوسع دائرة من المغفرة كما لا يخفى، والنكتة فيه هاهنا مزيد إيناسه صلّى الله عليه وسلّم بعد أن أخبره سبحانه بالطبع على قلوب بعض المرسل إليهم وآيسه من اهتدائهم مع علمه جل شأنه بزيد حرصه عليه الصلاة والسلام على ذلك وهو السر في إيثار عنوان الربوبية مضافا إلى ضميره صلّى الله عليه وسلّم انتهى.
وهو كلام واقف في أعراف الرد والقبول في النظر الجليل، ومن دقق علم ما فيه من الأمرين، وإنما قدم الوصف الأول لأن التخلية قبل التحلية أو لأنه أهم بحسب الحال والمقام إذ المقام على ما قاله المحققون مقام بيان تأخير العقوبة عنهم بعد استيجابهم لها كما يعرب عنه قوله تعالى: لَوْ يُؤاخِذُهُمْ أي لو يريد مؤاخذتهم بِما كَسَبُوا أي فعلوا، وكسب الأشعري لا تفهمه العرب، وما إما مصدرية أي بكسبهم وإما موصولة أي بالذي كسبوه من المعاصي التي من جملتها ما حكي عنهم من مجادلتهم بالباطل وإعراضهم عن آيات ربهم وعدم المبالاة بما اجترحوا من الموبقات لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ لاستيجاب أعمالهم لذلك، قيل وإيثار المؤاخذة المنبئة عن شدة الأخذ بسرعة على التعذيب والعقوبة ونحوهما للإيذان بأن النفي المستفاد من مقدم الشرطية متعلق بوصف السرعة كما ينبىء عنه تاليها، وإيثار صيغة الاستقبال وإن كان المعنى على المضي لإفادة أن انتفاء تعجيل العذاب لهم بسبب استمرار عدم إرادة المؤاخذة فإن المضارع الواقع موقع الماضي يفيد استمرار الفعل فيما مضى بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ وهو يوم بدر أو يوم القيامة على أن الموعد اسم زمان، وجوز أن يكون اسم مكان والمراد منه جهنم، والجملة معطوفة على مقدر كأنه قيل لكنهم ليسوا مؤاخذين بغتة بل لهم موعد لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا قال الفراء: أي منجى يقال وألت نفس فلان نحت وعليه قول الأعشى:
وقد أخالس رب الدار غفلته ... وقد يحاذر مني ثم ما يئل
وقال ابن قتيبة: هو الملجأ يقال وأل فلان إلى كذا يئل وألا ووءولا إذا لجأ والمعنى واحد والفرق إنما هو بالتعدي بإلى وعدمه، وتفسيره بالملجأ مروي عن ابن عباس، وفسره مجاهد بالمحرز، والضحاك بالمخلص والأمر في ذلك سهل، وهو على ما قاله أبو البقاء: يحتمل أن يكون اسم زمان وأن يكون اسم مكان، والضمير المجرور عائد على الموعد كما هو الظاهر، وقيل: على العذاب وفيه من المبالغة ما فيه لدلالته على أنهم لا خلاص لهم أصلا فإن من يكون ملجأه العذاب كيف يرى وجه الخلاص والنجاة.
وأنت تعلم أن أمر المبالغة موجود في الظاهر أيضا وقيل: يعود على الله تعالى وهو مخالف للظاهر مع الخلو عن المبالغة، وقرأ الزهري «موّلا» بتشديد الواو من غير همز ولا ياء، وقرأ أبو جعفر عن الحلواني عنه «مولا» بكسر الواو خفيفة من غير همز ولا ياء أيضا وَتِلْكَ الْقُرى أي قرى عاد وثمود وقوم لوط وأشباههم، والكلام على تقدير مضاف أي أهل القرى لقوله تعالى: أَهْلَكْناهُمْ والإشارة لتنزيلهم لعلمهم بهم منزلة المحسوس، وقدر المضاف في البحر قبل تِلْكَ وكلا الأمرين جائز، وتلك يشار بها للمؤنث من العقلاء وغيرهم، وجوز أن تكون القرى عبارة عن أهلها مجازا، وأيّا ما كان فاسم الإشارة مبتدأ والْقُرى صفته والوصف بالجامد في باب الإشارة مشهور والخبر جملة أَهْلَكْناهُمْ واختار أبو حيان كون «القرى» هو الخبر والجملة حالية كقوله تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً [النمل:
52] وجوز أن تكون «تلك» منصوبا بإضمار فعل يفسره ما بعده أي وأهلكنا تلك القرى أهلكناهم لَمَّا ظَلَمُوا أي
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار العلمية نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 8  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست